وقد فسر القاضي عياض المحبة بالتعظيم، وجعل تقديم محبته صلى الله عليه وسلم على كل أحد ، شرطَ صحة للإيمان، وتعقبه القرطبي في شرح مسلم، وبين أن المراد بالمحبة ميل القلب، وليس التعظيم. قال القرطبي في "المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم" (1/ 140): " قوله: ( لاَ يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ): هذا الحديثُ - على إيجازِهِ - يتضمَّنُ ذكرَ أصنافِ المَحَبَّةِ ؛ فإنَّها ثلاثة: محبَّةُ إجلالٍ وإعظام ؛ كمحبَّةِ الوالِدِ والعلماءِ والفضلاء. ومحبَّة ُرحمةٍ وإشفاق ؛ كمحبَّة الولد. ومحبَّةُ مشاكلةٍ واستحسان ؛ كمحبَّة غير مَنْ ذكرنا. حكم محبه النبي صلي الله عليه وسلم مزخرفه حروف. وإنَّ محبَّةَ رسولِ الله ِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا بدَّ أن تكون راجحةً على ذلك كلِّه. وإنَّما كان ذلك ؛ لأنَّ الله تبارك وتعالى قد كمَّله على جميعِ جنسه ، وفضَّله على سائر نوعه ، بما جبله عليه مِنَ المحاسنِ الظاهرة والباطنة ، وبما فضَّله به مِنَ الأخلاقِ الحسنة والمناقبِ الجميلة ؛ فهو أكملُ مَنْ وَطِئَ الثَّرى ، وأفضلُ مَنْ رَكِبَ ومَشَى ، وأكرمُ مَنْ وافى القيامة ، وأعلاهُمْ منزلةً في دارِ الكرامة. قال القاضي أبو الفضل [عياض]: فلا يصحُّ الإيمانُ إلاَّ بتحقيق إنافةِ قَدْرِ النبيِّ ِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومنزلتِهِ ، على كلِّ والدٍ وولد ، ومُحْسِنٍ ومُفْضِل ، ومن لم يعتقدْ هذا واعتقَدَ سواه ، فليس بمؤمنٍ.
ولا شَكَّ في أنَّ حظَّ أصحابِهِ من هذا المعنى أعظَمُ ؛ لأنَّ معرفتهم بقدره أعظم ؛ فالمحبَّةُ ثمرةُ المعرفة ، فتقوَى وتضعُفُ بِحَسَبها.
السؤال التعليمي: حل سؤال حكم محبة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتقديرهم وإحترامهم. الجواب التعليمي: سنة.