ليس كمثله شيء وهو السميع البصير

قالوا: وكان معهم النبيء صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ غلام. واعلم أن هذه الآية نفت أن يكون الشيء من الموجودات مثلا لله تعالى. والمثل يحمل عند إطلاقه على أكمل أفراده ، قال فخر الدين: ( المثلان هما: اللذان يقوم كل واحد منهما مقام الآخر في حقيقته وماهيته) اهـ. فلا يسمى مثلا حقا إلا المماثل في الحقيقة والماهية وأجزائها ولوازمها دون العوارض ، فالآية نفت أن يكون شيء من الموجودات مماثلا لله تعالى في صفات ذاته ؛ لأن ذات الله تعالى لا يماثلها ذوات المخلوقات ، ويلزم من ذلك أن كل ما ثبت للمخلوقات في محسوس ذواتها فهو منتف عن ذات الله تعالى. ليس كمثله شيء وهو السميع البصير سورة الشورى. وبذلك كانت هذه الآية أصلا في تنزيه الله تعالى عن الجوارح والحواس والأعضاء عند أهل التأويل ، والذين أثبتوا لله تعالى ما ورد في القرآن مما نسميه بالمتشابه فإنما أثبتوه مع التنزيه عن ظاهره إذ لا خلاف في إعمال قوله: ليس كمثله شيء وأنه لا شبيه له ولا نظير له. وإذ قد اتفقنا على هذا الأصل لم يبق خلاف في تأويل النصوص الموهمة [ ص: 48] التشبيه ، إلا أن تأويل سلفنا كان تأويلا جمليا ، وتأويل خلفهم كان تأويلا تفصيليا كتأويلهم اليد بالقدرة ، والعين بالعلم ، وبسط اليدين بالجود ، والوجه بالذات ، والنزول بتمثيل حال الإجابة والقبول بحال نزول المرتفع من مكانه الممتنع إلى حيث يكون سائلوه لينيلهم ما سألوه.

  1. ليس كمثله شيء وهو السميع البصير دليل على

ليس كمثله شيء وهو السميع البصير دليل على

أَكَلَ شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سني، وانقطع ولدي، ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك، فما برحت حتى نزل جبرائيل بهؤلاء الآيات: ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ)[المجَادلة: 1]"(رواه ابن ماجه).

ونحن لا نشك أن ما في القرآن حق، فله جل وعل سمع وبصر حقيقيان لائقان بجلاله وكماله، كما أن للمخلوق سمعًا وبصرًا حقيقين مناسبين لحاله من فقره وفنائه وعجزه، وبين سمع وبصر الخالق وسمع وبصر المخلوق من المخالفة كمثل ما بين ذات الخالق والمخلوق؛ منهج دراسة لآيات الأسماء والصفات (ص،٥). الوقفة السابعة: في دلالة الآية في الرد على المشبهة والممثِّلة الذين يشبهون الخالق بالمخلوق، وذلك في قوله: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾. ليس كمثله شيء وهو السميع البصير دليل على. الوقفة الثامنة: في دلالة الآية في الرد على المعطِّلة والذين ينفون الصفات عن الله تعالى، وذلك في قوله: ﴿ وهو السميع البصير ﴾. الخاتمة: إن هذه الآية على وجازتها هي قاعدة عظيمة وكافية، ويؤخذ منها مذهب أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات لله تعالى، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.