ينزه الله عما لا يليق به كل ما في السموات وما في الأرض, له سبحانه التصرف المطلق في كل شيء, وله الثناء الحسن الجميل, وهو على كل شيء قدير. الله هو الذي أوجدكم من العدم, فبعضكم جاحد لألوهيته, بعضكم مصدق به عامل بشرعه, وهو سبحانه بصير بأعمالكم لا يخفى عليه شيء منها, وسيجازيكم بها. خلق الله السموات والأرض بالحكمة البالغة, وخلقكم في أحسن صورة, إليه المرجع يوم القيمة, فيجازي كلا بعمله. يعلم سبحانه وتعالى كل ما في السموات والأرض, ويعلم ما تخفونه -أيها الناس- فيما بينكم وما تظهرونه. والله عليم بما تضمره الصدور وما تخفيه النفوس. لم يأتكم- أيها المشركين خبر الذين كفروا من الأمم الماضية قبلكم, إذ مسهم سوء عاقبة كفرهم وسوء أفعالهم في الدنيا, ولهم في الآخرة عذاب أليم موجع؟ ذلك الذي أصابهم في الدنيا, وما يصيبهم في الآخرة. تفسير القرآن العظيم | سورة التغابن الايات من 9 الى 18 | الشيخ مصطفى حسين | بجودة عالية HQ - YouTube. بسبب أنهم كانت تأتيهم رسل الله بالآيات البينات والمعجزات الواضحات, فقالوا منكرين: أبشر مثلنا يرشدوننا؟ فكفوا بالله فجحدوا رسالة رسله, وأعرضوا عن الحق فلم يقبلوه واستغنى الله, والله غني, له الغنى التام المطلق, حميد في أقواله وأفعاله وصفاته لا يبالي بهم, ولا يضره ضلالهم شيئا. ادعى الذين كفروا بالله باطلا أنهم لن يخرجوا من قبورهم بعد الموت, قل لهم- يا محمد-: بلى وربي لتخرخن من قبوركم أحياء, ثم لتخبرن بالذي عملتم في الدنيا, وذلك على الله يسير هين.
وقوله: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي: مهما أراد كان بلا ممانع ولا مدافع، وما لم يشأ لم يكن.
معاني المفردات من الآيات الكريمة من (1) إلى (9) من سورة «التغابن»: ﴿ له الملك ﴾: التصرُّف الكامل في الخلق لله وحده. ﴿ وله الحمد ﴾: الله وحده المستحق للشكر. ﴿ وصوَّركم فأحسن صوركم ﴾: خلقكم في أحسن صورة وأتقن خلقكم وأحكم تصويركم ظاهرًا وباطنًا. ﴿ وإليه المصير ﴾: المرجع إلى الله وحده. ﴿ بذات الصدور ﴾: بما في الصدور من الأسرار والخفايا. ﴿ ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل ﴾: لقد جاءكم يا كفَّار مكة خبر كفَّار الأمم الماضية كقوم نوح وهود وصالح ولوط، وما نزل بهم من العذاب. ﴿ فذاقوا وبال أمرهم ﴾: فذاقوا سوء عاقبة كفرهم في الدنيا. ﴿ ذلك ﴾: العذاب الذي ذاقوه في الدنيا وما ينتظرهم من العذاب في الآخرة. ﴿ بالبينات ﴾: بسبب أن الرسل قد جاؤوهم بالمعجزات الواضحات. ﴿ أبشرٌ يهدوننا ﴾: أيجيء إلينا رسل من البشر مثلنا لهدايتنا؟. ﴿ وتولوا ﴾: وأعرضوا. ﴿ واستغنى الله ﴾: والله غني عن طاعتهم وعبادتهم. ﴿ لتبعثن ﴾: لتخرجن من قبوركم للحساب والجزاء. ﴿ ثم لتنبؤن بما عملتم ﴾: ثم تخبرون بجميع أعمالكم وتجازون عليها. تفسير سورة التغابن. ﴿ والنور الذي أنزلنا ﴾: وبالقرآن الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على محمد صلى الله عليه وسلم. ﴿ ليوم الجمع ﴾: ليوم القيامة للحساب.
فعلينا بالإيمان والعمل، فلنؤمن بكتاب الله، ولنعمل بما فيه، ولنحل ما أحل، ولنحرم ما حرم، ولننهض بما أوجب، ولنتخلى عما نهى وحرم. وهذا هو شأن المؤمنين والمؤمنات الصادقين والصادقات. اللهم اجعلنا منهم.