إن هذا القرآن يهدي

ومن أراد أن يقف ـ من الإخوة الكرام ـ على شيء من محاولات العلماء ـ رحمهم الله ـ في الوقوف على شيء من ذلك، فليقرأ ما كتبه العلامة الشنقيطي - رحمه الله - في تفسيره لهذه الآية الكريمة، والقاعدة التي نحن بصدد الحديث عنها، فإنه قد كتب - رحمه الله - نحواً من ستين صفحة وهو يتحدث عن نماذج عالجها القرآن، وهدى لأقوم الطرق في حلها. يقول رحمه الله: "ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن هذا القرآن العظيم الذي هو أعظم الكتب السماوية، وأجمعها لجميع العلوم، وآخرها عهدا برب العالمين جل وعلا ـ يهدي للتي هي أقوم. إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم - خطب مختارة - ملتقى الخطباء. أي الطريقة التي هي أسد وأعدل وأصوب،... وهذه الآية الكريمة أجمل الله جل وعلا فيها جميع ما في القرآن من الهدى إلى خير الطرق، وأعدلها وأصوبها، فلو تتبعنا تفصيلها على وجه الكمال لأتينا على جميع القرآن العظيم؛ لشمولها لجميع ما فيه من الهدى إلى خيري الدنيا والآخرة، ولكننا إن شاء الله تعالى سنذكر جملاً وافرة في جهات مختلفة كثيرة من هدي القرآن للطريق التي هي أقوم بياناً لبعض ما أشارت إليه الآية الكريمة، تنبيها ببعضه على كله من المسائل العظام، والمسائل التي أنكرها الملحدون من الكفار، وطعنوا بسببها في دين الإسلام، لقصور إدراكهم عن معرفة حكمها البالغة،... ثم سرد جملة من المسائل العقدية والاجتماعية" (2).

إن هذا القرآن يهدي التي هي أقوم

إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ - القارئ أحمد جمال - من سورة الإسراء - YouTube

ان هذا القران يهدي للتي هي اقوم ويبشر

حسب القرآن عظمة، وكفاه منزلة وفخراً، أنّه كلام الله العظيم، ومعجزة نبيّه الكريم، وأن آياته هي المتكفّلة بهداية البشر في جميع شؤونهم وأطوارهم في أجيالهم وأدوارهم، وهي الضمينة لهم بنيل الغاية القصوى والسعادة الكبرى في العاجل والآجل: { إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتي هِيَ أَقْوَمُ} و{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}(1) و{ هذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}(2). وقد ورد في الأثر عن النبي(ص): «فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه»(3). آية إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم. نعم من الخير أن يقف الإنسان دون ولوج هذا الباب، وأن يكل بيان فضل القرآن إلى نظراء القرآن وهم أهل بيت النبي(ص)، فإنّهم أعرف الناس بمنزلته، وأدلّهم على سموّ قدره، وهم قرناؤه في الفضل، وشركاؤه في الهداية، أما جدّهم الأعظم فهو الصادع بالقرآن، والهادي إلى أحكامه، والناشر لتعاليمه. وقد قال(ص):«إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض»(4). فالعترة هم الأدلاء على القرآن، والعالمون بفضله، فمن الواجب أن نقتصر على أقوالهم، ونستضيء بإرشاداتهم.

آية إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم

وإنني ـ في ختام هذه الحلقات ـ لأشكر جميع الذين تواصلوا معي باقتراحاتهم، أو ملاحظاتهم، والتي حاولت الإفادة منها، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. __________________ (1) الدر المنثور (5/245). (2) أضواء البيان 3/17 - 54. (3) ينظر: في ظلال القرآن (4/2215). (4) تفسير السعدي: (454).

إنها قاعدة تقطع الطريق على جميع المنهزمين والمتخاذلين من أهل الإسلام أو المنتسبين له، أو من الزنادقة، الذين يظنون ـ لجهلهم ـ أن هذا القرآن إنما هو كتاب رقائق ومواعظ، ويعالج قضايا محدودة من الأحكام! أما القضايا الكبرى، كقضايا السياسة، والعلاقات الدولية، ونحوها، فإن القرآن ليس فيه ما يشفي في علاج هذه القضايا!!
بل إنه لكثرة فضائل القرآن تعددت أسماؤه وصفاته، وورد في القرآن الكثير من ذلك، فهل رأيتم فضلاً أكبر من هذا، ومنزلة أعظم من هذه المنزلة، يتبوأ عليها القرآن مستحقاً. خطبة عن فضائل القرآن (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم. هذا هي بعض فضائل القرآن عند منزله سبحانه وتعالى، أما فضائل القرآن الكريم التي جاءت على لسان مبلغه رسول الله الصادق الوعد الأمين عليه الصلاة والسلام فكثيرة، فقد روى البخاري في صحيحه ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلاَّ أُعْطِىَ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِى أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَىَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». وفي صحيح البخاري:(عَنْ عُثْمَانَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ». وروى مسلم في صحيحه: ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ الإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ ».