لبس الحرير للرجال - الاستفتاءات - موقع مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)

2- أنَّ الحرير خُلِقَ - في الأصل - للنِّساء، كالحِلية بالذَّهب، فَحَرُم على الرِّجال؛ لما فيه من مفسدة تشبُّه الرِّجال بالنِّساء. 3- حَرُمَ؛ لما يورثه بملامسته للبدن من الأنوثة والتَّخَنُّث، وهو ضِدُّ الشَّهامة والرُّجولة؛ فإنَّ لُبْسَه يُكسب القلبَ صفةً من صفات الإناث، ولهذا لا تكاد تجدُ مَنْ يَلْبَسُه - في الأعمِّ الأغلب - إلاَّ وعلى شمائله من التَّخَنُّث والتَّأنُّث، والرَّخاوة ما لا يخفى [21]. عباد الله.. فإنْ صحَّتْ فهي حِكَمٌ معقولة، وإلاَّ فالحكمة كلُّ الحكمة في اتِّباع شرع الله تعالى، والانقياد له بالطَّاعة، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36]. المسألة السادسة: ما حُكم لبس الحرير للمرأة؟ يجوز للمرأة لبس الحرير بأنواعه، وقد وقع الإجماع على ذلك [22]. 1- بما تقدَّم من قول النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم ـ في الحرير والذَّهب: « إنَّ هَذَينِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لإِنَاثِهِمْ » [23].

لبس الحرير للرجال، والقدر الجائز في ذلك

ومنهم من قال: حُرّم لما يورثه بملامسته للبدن من الأنوثة والتخنث ، وضد الشهامة والرجولة فإن لبسه يكسب القلب صفة من صفات الإناث والرخاوة ما لا يخفى ، حتى لو كان من أشهم الناس وأكثرهم فحولية ورجولية ، فلا بد أن يُنقصه لبس الحرير منها ، وإن لم يُذهبها ، ومن غلظت طباعه وكثفت عن فهم هذا ، فلْيسلّم للشارع الحكيم) زاد المعاد 4/80. والله تعالى أعلم.

ص97 - كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي - الحكمة من تحريم الحرير على الرجال - المكتبة الشاملة الحديثة

فالمسلمون لهم في الجنة الحرير والذهب، وما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. 4- وما جاء عن عُمَرَ رضي الله عنه قال: قال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: « مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ ». فهذا وعيد شديد يدل على أن لباس الحرير للرجال من كبائر الذنوب، فمن لبس الحرير في الدنيا - ولم يتب - فإنه لا يلبسه في الآخرة [7]. 5- وفي لفظٍ آخر عن عُمَرَ رضي الله عنه مرفوعاً: « إِنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لاَ خَلاَقَ [8] لَهُ فِي الآخِرَةِ » [9]. فالحرير- بأنواعه - محرَّم على الرَّجل، وجائز للمرأة، وهذا الوعيد الشَّديد لا يكون إلاَّ في محرَّمٍ شديدِ الحرمة. أيها الإخوة الكرام.. مع ملاحظة أن الحرير الذي ورد النص الشرعي بتحريمه على الرجال هو الحرير الأصلي الطبيعي الذي يخرج من نسيج دودة القز، أمَّا إذا كان هذا الحرير صناعياً، فإنه لا يحرم لبسه على الرجال؛ لأنه ليس حريراً حقيقياً. المسألة الثانية: ما حكم لبس الحرير للمرض والحاجة؟ جوَّز الأئمَّة الثَّلاثة، والإمام مالك - في رواية ابن حبيبٍ - لُبْسَ الحرير؛ للحاجة والمرض بشرطين [10]: الشَّرط الأول: إذا كان قليلاً لا يزيد عرضُه عن أربع أصابع، كرقعة في الثَّوب، أو تطريز، أو في أطراف الثَّوب، ونحو ذلك.

وهذه الإباحة إباحة مطلقة غير مقيدة بحاجة كالمرض ، أو مصلحة كالحرب ، ولكن يشترط في كمية الحرير في الثوب الواحد ألا تزيد على ما نسج معه ، بل إن غلب الحرير في الثوب حرم كالخالص ، وإن استويا في المقدار فقولان في مذهب أحمد: أحوطهما المنع تغليباً لجانب الحظر على الإباحة. والله أعلم.