إن مما تقدم يلحظ أنه في طريق الحق يتعين ألا يستسلم المؤمن لأحزانه، التي تريه الآفاق مسدودة، والآمال معدومة، وأن أي معطى أو معرفة تبعث إليه الفأل من جديد ينبغي تتبع خيوطها، والبناء عليها؛ فاليأس كبيرة مذمومة تقتل الحركة وتنفر من الانبعاث والمضي في طريق، مبدئه عند الاستقصاء والبحث ومنتهاه عند تحقيق الآمال العظام.
________________ وذكرت كلمة روح الله في قولة تعالى: (يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) الآية 87 من سورة يوسف و الروح بمعنى سيدنا جبريل عليه السلام في قولة تعالى في سورة الشعرء: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)) و وردت في كثير من ايات اخرى بنفس المعنى.
إننا نريد أن نضع نصب أعيننا هذا المنهج القرآني (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) وبالعمل والأمل نبني الدنيا والآخرة. جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الاتحاد 2022©
دلالات العمل التطوعي في القرآن كما ذكرنا في مقدمة موضوعنا أن القرآن جاء شاملا لكافة التعاملات الإنسانية مبينا إياها بشكل صريح وإذا تدبرنا آيات الذكر الحكيم جيدا نستدل على العديد من الآيات القرآنية التي تؤكد على واجب العمل التطوعي في الإسلام والجزاء من وراء القيام به ومن تلك الآيات الكريمة ؛ قال تعالى " َولكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ". ـ قال تعالى "فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون ". ـ قال تعالى " وتَعَاونُوا عَلى البِّرِ والتَقوَى ". ـ قال تعالى " فَمَن تَطَوّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لّهُ ". ـ قال تعالى " وآتى المَالَ عَلى حُبِه ذَوي القُربى واليتَامَى والمَسَاكِّين وابن السَبِّيل". احاديث عن العمل التطوعي. ـ قال تعالى " وفي أموالهِّم حَقٌ مَعلُوم للسَائِّل والمَحرُوٌم ". ـ قال تعالى " فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ " دلالات العمل التطوعي في السنة كما أن القرآن الكريم هو المنهج السليم لقوام المجتمع وصلاح أحواله كذلك هي السنة وصدق رسول الله صل الله عليه وسلم عندما قال " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وسنتي " وذلك لكون سيدنا محمد (ص) هو قرآن يمشي على الأرض بمعنى أن كافة التعاليم التي ذكرت في القرآن الكريم طبقها رسول الله (ص) ليبينه للناس بشكل سهل وبسيط حيث بينت انك قد تقوم بعمل تطوعي يوميا وتكتسب من خلاله أجر كبير دون عناء منها رسم البسمة والوجه البشوش امام الاخرين.
وهناك العديد من صور العمل التطوعي والتي نستدل عليها من الأحاديث النبوية التي تؤكد على أهميتها وتوضيحها سواء صغيرة أو كبيرة هي ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم (ابن آدم ستون وثلاثمائة مفصل، على كلِ واحد منهما في كلِ يوم صدقةٌ، فالكلمة الطيِبة يتكلم بها الرجل صدقة، وعَون الرجل أخاه على الشيء صدقة، والشربة من الماء يسقيها صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة). ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم (تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيُك عن المُنكر صدقةٌ، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقةٌ، ونصرُك الرجل الرديء البصر لك صدقةٌ، وإماطتُك الحجر والشوك والأذى عن الطريق لك صدقة، وافراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة) ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين). ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم ( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار). كتب أحاديث عن فضل العمل - مكتبة نور. ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ،من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربه من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما سترة الله يوم القيامة).
حين تشتاق النفوس إلى الله والدار الآخرة تطلب معالي الأمور، وتنشغل بأقرب الأعمال وأفضلها، وتبحث عن أقرب الطرق إلى الله، يتجلى ذلك في منافسة الصحابة وهم يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أفضل الأعمال وأحبها إلى الله فمرة يقول لهم الصلاة، ومرة يقول لهم الصوم، ومرة يفضل لهم الجهاد فربما وجد الناظر في تلك الأجوبة تعارضا في ظاهرها إذ أن السؤال واحد والجواب مختلف؟ ففي صحيح مسلم عن عبد الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال « أفضل الأعمال - أو العمل - الصلاة لوقتها وبر الوالدين ». وروى مسلم أيضا عن أبى قتادة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قام فيهم فذكر لهم « أن الجهاد فى سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال ». وفي السنن عن أبى ذر -رضي الله عنه- قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « أفضل الأعمال الحب فى الله والبغض فى الله ». أحاديث عن العمل الجماعي. وفي صحيح ابن حبان عن معاذ بن جبل ، قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: « أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله ». وفي مسند الإمام أحمد عن عمرو بن عبسة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « عملان هما أفضل الأعمال إلا من عمل بمثلهما: حجة مبرورة أو عمرة ».
وفي سنن النسائي - بإسناد صحيح- عن أبي أمامة قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت مرني بأمر آخذه عنك قال: « عليك بالصوم فإنه لا مثل له ».
كفالة ورعاية اليتيم ، وبذل المعروف له والإحسان إليه، قال صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئًا) [المصدر:صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]. إماطة الأذى عن الطريق. الرفق بالحيوان ، وغرس الأشجار، والمحافظة على البيئة من التلوث، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما من مسلم يغرِس غرسًا إلا كان ما أُكِل منه له صدقة، وما سُرق منه له صدقة، وما أَكل السبُع منه فهو له صدقة، وما أكلت الطيرُ فهو له صدقة، ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة) [المصدر:صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]. حديث عن عمل الخير - حياتكِ. الإصلاح بين المتخاصمين والعدل والشفاعة بينهم، لتحصيل الخير ودفع الشر وجمع القلوب. الصدقة ومساعدة الضعيف، وإغاثة الملهوف، قال صلى الله عليه وسلم: (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ، فقالوا: يا نَبِيَّ اللَّهِ، فمَن لَمْ يَجِدْ؟ قالَ: يَعْمَلُ بيَدِهِ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ ويَتَصَدَّقُ قالوا: فإنْ لَمْ يَجِدْ؟ قالَ: يُعِينُ ذا الحاجَةِ المَلْهُوفَ قالوا: فإنْ لَمْ يَجِدْ؟ قالَ: فَلْيَعْمَلْ بالمَعروفِ، ولْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ، فإنَّها له صَدَقَةٌ) [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
ومن الأحاديث التي تحُثّ على إتقَان العمل "إنّ الله يُحبّ المحسنين" ويقُول الرسول (إنّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه). ويقول رسول الله(ص): "من باتَ كالاً من عمل يده بات مغفوراً له" ويقول أيضاً "من بنى بنياناً من غير ظلم ولا اعتداء أو غرس غرساً في غير ظلم ولا اعتداء كان له أجر جار ما انتفع به من خلق الله تعالى. وفي حديث البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه: "لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه".