يعلم السر وأخفى

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا أبو هلال، قال: ثنا قتادة، في قوله ( يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) قال: يعلم ما أسررت في نفسك، وأخفى: ما لم يكن هو كائن. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله ( يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) قال: أخفى من السرّ: ما حدّثت به نفسك، وما لم تحدث به نفسك أيضا مما هو كائن. حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ، قال: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) أما السرّ: فما أسررت في نفسك، وأما أخفى من السرّ: فما لم تعمله وأنت عامله، يعلم الله ذلك كله. وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنه يعلم سرّ العباد، وأخفى سرّ نفسه، فلم يطلع عليه أحدا. * ذكر من قال ذلك:حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) قال: يعلم أسرار العباد، وأخفى سرّه فلا يعلم. قال أبو جعفر: وكأن الذين وجهَّوا ذلك إلى أن السرّ هو ما حدّث به الإنسان غيره سرّا، وأن أخفى: معناه: ما حدّث به نفسه، وجهوا تأويل أخفى إلى الخفيّ. وقال بعضهم: قد توضع أفعل موضع الفاعل، واستشهدوا لقيلهم ذلك بقول الشاعر:تَمَنَّى رِجالٌ أنْ أمُوتَ وإنْ أمُتْفَتِلْكَ طَرِيقٌ, لَسْتُ فِيها بأوْحَدِ (6)والصواب من القول في ذلك، قول من قال: معناه: يعلم السرّ وأخفى من السرّ، لأن ذلك هو الظاهر من الكلام; ولو كان معنى ذلك ما تأوّله ابن زيد، لكان الكلام: وأخفى الله سرّه، لأن أخفى: فعل واقع متعدّ، إذ كان بمعنى فعل على ما تأوّله ابن زيد، وفي انفراد أخفى من مفعوله، والذي يعمل فيه لو كان بمعنى فعل الدليل الواضح على أنه بمعنى أفعل.

مقاصد الصيام: تربية للفرد والمجتمع - جريدة الغد

لما كان ذلك: فإذا كانت حالة السائل لا تمكنه من الاستمرار في صوم شهر رمضان بسبب هذه المشقة كان عليه أن يجاهد نفسه ويروضها على الصوم بقدر استطاعته، فإن عجز وكان عجزه مستمرًا كانت عليه الفدية، فإن لم يستطع أداءها كانت دينًا في ذمته يحصيها ليؤديها وقت استطاعته، واستعن بالله وغالب النفس والشيطان واعصمها؛ لأن الله يعلم السر وأخفى فهو العليم بحالك وقدرتك. ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال. اقرأ أيضا: الإفتاء توضح كيفية معرفة جواب الاستخارة.. تعرف عليها

تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ١٢٢

وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى. عطف على جملة ( له ما في السماوات وما في الأرض) لدلالة هذه الجملة على سعة علمه تعالى كما دلت الجملة المعطوف عليها على عظيم سلطانه وقدرته. وأصل النظم: ويعلم السر وأخفى إن تجهر [ ص: 189] بالقول ؛ فموقع قوله ( وإن تجهر بالقول) موقع الاعتراض بين جملة ( يعلم السر وأخفى) وجملة ( الله لا إله إلا هو). فصيغ النظم في قالب الشرط والجزاء زيادة في تحقيق حصوله على طريقة ما يسمى بالمذهب الكلامي ، وهو سوق الخبر في صيغة الدليل على وقوعه تحقيقا له. والمعنى: أنه يعلم السر وأخفى من السر في الأحوال التي يجهر فيها القائل بالقول لإسماع مخاطبه ، أي فهو لا يحتاج إلى الجهر لأنه يعلم السر وأخفى. وهذا أسلوب متبع عند البلغاء شائع في كلامهم بأساليب كثيرة. وذلك في كل شرط لا يقصد به التعليق بل يقصد التحقيق كقول أبي كبير الهذيلي: فأتت به حوش الفؤاد مبطنا سهدا إذا ما نام ليل الهوجل أي سهدا في كل وقت حين ينام غيره ممن هو هوجل. وقول بشامة بن حزن النهشلي: إذا الكماة تنحوا أن يصيبهم حد الظبات وصلناها بأيدينا وقول إبراهيم بن كنيف النبهاني: فإن تكن الأيام جالت صروفها ببؤسى ونعمى والحوادث تفعل فما لينت منا قناة صليبة وما ذللتنا للتي ليس تجمل وقول القطامي: فمن تكن الحضارة أعجبته فأي رجال بادية ترانا فالخطاب في قوله ( وإن تجهر) يجوز أن يكون خطابا للنبيء - صلى الله عليه وسلم - وهو يعم غيره.

جبَّارُ الشهور &Ndash; الشروق أونلاين

وأحسب لفرض الشرط بحالة الجهر بالقول خصوصية بهذا السياق اقتضاها اجتهاد النبيء - صلى الله عليه وسلم - في الجهر بالقرآن في الصلاة أو غيرها ، فيكون مورد هذه الآية كمورد قوله تعالى ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول) [ ص: 191] فيكون هذا مما نسخه قوله تعالى ( فاصدع بما تؤمر) ، وتعليم للمسلمين باستواء الجهر والسر في الدعاء ، وإبطال لتوهم المشركين أن الجهر أقرب إلى علم الله من السر ، كما دل عليه الخبر المروي عن أبي مسعود المذكور آنفا. والقول: مصدر ، وهو تلفظ الإنسان بالكلام ، فيشمل القراءة والدعاء والمحاورة ، والمقصود هنا ما له مزيد مناسبة بقوله تعالى ( ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) الآيات. وجواب شرط ( وإن تجهر بالقول) محذوف يدل عليه قوله ( فإنه يعلم السر وأخفى). والتقدير: فلا تشق على نفسك فإن الله يعلم السر وأخفى. أي فلا مزية للجهر به. وبهذا تعلم أن ليس مساق الآية لتعليم الناس كيفية الدعاء ، فقد ثبت في السنة الجهر بالدعاء والذكر ، فليس من الصواب فرض تلك المسألة هنا إلا على معنى الإشارة. وأخفى: اسم تفضيل ، وحذف المفضل عليه لدلالة المقام عليه ، أي وأخفى من السر. والمراد بأخفى منه: ما يتكلم اللسان من حديث النفس ونحوه من الأصوات التي هي أخفى من كلام السر.

هذه الآية كلما سمعتها او قرأتها تدمع عينيَّ . - الصفحة 3 - هوامير البورصة السعودية

سماحة الشيخ محمّد صنقور معنى قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ المسألة: يقول اللهُ تعالى في كتابه الحكيم في سورة طه: ﴿وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ (1) صدق الله العليُّ العظيم، فما هو السّرُّ المقصود من الآية؟ الجواب: رواية الصدوق: روى الشَّيخُ الصَّدوق بسنده إلى محمَّد بن مسلم قال: سألتُ أبا عبد الله (ع) عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ فقال (ع): "السّرُّ ما أكننتَه في نفسِك، "وأخفى" ما خطر ببالك ثُمّ أُنسيتَه"(2). ومعنى الرّواية أنَّ ما يُحدِّث به الإنسانُ نفسَه دون أن يُخبِر به أحدًا فذلك هو السّرُّ، ومعنى: ﴿وَأَخْفَى﴾ هي الخواطر التي تطرأُ على النَّفس ثُمَّ ينساها الإنسان، فلا يتذكَّر ما خطر في نفسِه، فاللهُ عزّ وجلّ يعلم بهذه الخواطر رغم عدم استقرارِها في النَّفس. وثمَّة تفسيراتٌ أخرى ذُكرت للآية الشَّريفة: منها: أنَّ المُراد من السّرِّ هو ما حدَّث به الإنسانُ غيره خُفيةً، والمرادُ من أخفى هو ما أضمرَه في نفسِه ولم يُحدِّث به أحدًا. ومنها: أنَّ المُراد من السِّرِّ هو العلمُ والإحاطةُ بأسرار الخَلقِ وما عليه من دقّةٍ ولطافة، ومعنى "أخفى" هو علمُه بنفسِه جلَّ وعلا.

وقال الإمام سفيان الثوري -رحمه الله- على هذه الآية: ويل لأهل الرياء، ويل لأهل الرياء، ويل لأهل الرياء، هذه آيتهم وقصتهم. وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب t: للمرائي علامات: يكسل إذا كان وحده، وينشط إذا كان في الناس، ويزيد في العمل إذا أثنى عليه، وينقص إذا ذم به. وقال بعض السلف: ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص ؛ لأنه ليس لها فيه نصيب. عباد الله: إن الرياء أمره عظيم، وخطره جسيم، وإن من مظاهره أن بعض الناس يتحدث عن أعماله الصالحة عند الآخرين، من صلاة وصدقة وصيام، وربما ذكر كَمْ حجة حجها، وكم عمرة اعتمرها، وهو لم يسأل عن ذلك، وربما ذكر مساعدته للناس بجاهه أو ماله، يريد بذلك المنزلة عند الناس، وأنه من المحسنين، وهذا غلط فاحش عظيم، وضرر عليه كبير،فما دام يعمل لله فما الداعي للتحدث بأعماله عند من لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا، ولا يملكون موتًا، ولا حياة، ولا نشورًا. ([1]) رواه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، رقم (2985). ([2]) رواه أحمد في مسنده (3/30) وابن ماجة في كتاب الزهد رقم (4204). ([3]) رواه أحمد في مسنده (2/301). ([4]) رواه احمد في مسنده (5/428). ([5]) رواه أبو يعلى في مسنده (9/54) برقم (151) من مسند عبد الله بن مسعود.