ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

5- ذكر عطش الحسين عليه السلام: فقد نُسب إلى الإمام الحسين عليه السلام قولٌ: "شيعتي ما إن شربتم عذب ماء فاذكروني... أو سمعتم بغريبٍ أو شهيدٍ فاندبوني"(9). فإنّ ذكر الحسين عليه السلام عند شرب الماء ولعن قاتله له من الثواب عظيم الأجر وجزيل الثواب. فقد ورد عن داود الرقي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام (الصادق) إذ استسقى الماء، فلمّا شربه رأيته قد استعبر واغرورقت عيناه بدموعه، ثمّ قال لي: "يا داود، لعن الله قاتل الحسين، إنّي ما شربت ماء بارداً إلا ذكرت الحسين عليه السلام، وما من عبد شرب الماء فذكر الحسين عليه السلام وأهل بيته ولعن قاتله إلّا كتب الله عزّ وجلّ له مئة ألف حسنة، وحطّ عنه مئة ألف سيّئة، ورفع له مائة ألف درجة، وكأنما أعتق مئة ألف نسمة، وحشره يوم القيامة ثلج الفؤاد"(10). ان الله لا يغير ما بقوم حتى. هذه أهم الآداب الباطنيّة والظاهريّة التي لو نوى المحبّ التلبّس بها وتحويلها إلى سلوك في حياته؛ لنال السعادة في الدنيا والآخرة. والأهم، لك أيّها المحبّ للحسين عليه السلام، أن تراقب نفسك في عاشوراء، وتجعل منها في كلّ عام وُفّقت فيه للمواساة، محطّة تقرّبك خطوة إلى الحسين عليه السلام في المعرفة والسلوك. فالحسين سفينة النجاة، عظّم الله أجوركم.

ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم

يسترجع المؤمنون مشاهد شباب ضُرّجوا بدمائهم على ثرى كربلاء، ونحرٍ مذبوحٍ لطفل رضيع تخشّب لسانه عطشاً، وصراخ الأطفال والنساء واليتامى، والأَسر والسبي لقرّة عين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. بالنسبة إلينا تمثّل عاشوراء إحياء الدين، وبقاء الرسالة واستمرار النبوّة، وديمومة الوحي. فإحياؤها إحياء الدين، وإقامتها الوفاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. * ثانياً: ابدأ بوعي القضيّة ينبغي أن يكون التعامل مع شهر محرّم نابعاً من وعي المحبّ، بأن لا يُقيم مناسبة عاديّة، ولا يؤدّي طقوساً اعتادها، بل أن يشعر بعاشوراء لتحيي القلب والفؤاد، تعيد لذاك المُحبّ الانتماء الحقيقيّ إلى الإسلام الأصيل، حين يعزم في نفسه من بداية شهر محرّم أنه يريد التغيير في روحيّته وذاته، بأن يصير متماهياً مع الأهداف الحسينيّة، ليصبح سلوكه سلوكاً حسينيّاً. إن الله لا يغير ما بقوم حتى. * ثالثاً: التزم السلوك الحسينيّ وعي القضيّة وحجمها وأبعادها، سينعكس لا محالة على السلوك، إن كان الوعي حقيقيّاً. فهل يكفي أن يحضر المُحبّ مجلساً حسينيّاً ويرتدي السواد ويرفع الرايات (وهذا كلّه مطلوب)، ثمّ يتصرّف في سلوكه خلاف ما يسمعه من وعظ وإرشاد؟! هنا تبرز أسئلة للحسينيّين الصادقين: - هل أحضر مجالس الحسين عليه السلام بجسدي دون أن ينعكس ذلك على نفسي وسلوكي؟!

تفسير ان الله لا يغير ما بقوم

أما عقلاً فإن لهذه الأعمال المسماة بالقاصرة أثراً لا يُنكر على صاحبها، حيث تصقل شخصيته، وتصفي ذهنه، وتعطيه عوناً كبيراً على أداء واجبات الدعوة والتعليم وغيرها من الأفعال المتعدية، كما أنها تهذِّب أخلاقه، وتضبط تصرفاته، وتنظِّم حركاته وسكناته، فيكون داعية بفعله قبل كلامه، وهذا أدعى للتأثير في المحيط، وأرجى لقبول النصح منه والإرشاد؛ بل بكونه قدوة لمن بعده، وانظر كيف وجَّه النبي أمَّته إلى صلاة داود - عليه السلام – وصيامه؛ فجعله قدوة في ذلك مبيناً أنه لا أفضل من صلاة وصيام داود تطوعاً. أليس هذا من أعظم العمل المتعدي؟!. إذاً هذه الأعمال التي يُقال إنها أعمال قاصرة على صاحبها، كالصلاة والاعتكاف والصيام والذكر، هي قاصرة من وجه، متعدية من وجه آخر، بل هي أساس في الدعوة إلى الله – جل وعلا -، في القيادة، وفي إصلاح المجتمع، وفي التربية، وفي التغيير المرجو؛ سواء على مستوى الفرد، أو المجتمع، أو الدولة، أو الأمة، وهذا الفهم هو المدخل الصحيـح لامتثال قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11]. العقوبه التي انزلها الله بقوم عاد - منبع الحلول. _____________________ (1) سنن النسائي 6/45 (3178) وصححه الألباني.

ان الله لا يغير ما بقوم حتى

كم يا هلال محرّمٍ... تُحيينا!

2- العزّة والإباء: إنّما جاء الإسلام ليكون الإنسان عزيزاً متحرّراً من قيود النفس والهوى. يقول الإمام الحسين عليه السلام: "لا والله، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أقرّ إقرار العبيد"(3). 3- الوفاء: يشرق الإيمان في قلب الإنسان فيتحوّل إلى نور ينعكس بسلوكه، فها هم أصحاب الحسين عليه السلام وقد أدركوا أنّهم إن ناصروا الحسين عليه السلام سيستشهدون، ومع ذلك قالوا له: "والله لا نفارقك، ولكن أنفسنا لك الفداء ونقيك بنحورنا وجباهنا وأيدينا... " (4). 4- الثقة بالله: أن يدرك المؤمن أن بيد الله كلّ شيء، وأنّه قادر على كلّ شيء، وأنّ بيده نفعه وضرّه. عن الإمام الحسين عليه السلام: "اللهمّ أنت ثقتي في كلّ كرب، وأنت رجائي في كلّ شدّة، وأنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة وعدّة، كم من همّ يضعف فيه الفؤاد... "(5). 5- عدم الخوف من الموت: عندما يدرك الإنسان أنّ هذه الدنيا فانية وأنّ لقاء الله أمرٌ محتوم وأنّ الموت طريق إلى الجنّة والراحة من الدنيا، يقول الإمام الحسين عليه السلام: "لست أخاف الموت. إنّ نفسي لأكبر من ذلك... الفشل ليس عيبًا بل استمراريته!!. "(6). 6- عشق الله: إنّ طريق الإنسان في الحياة هي أن يصل إلى الله ورضاه. وحبّ الله وعشقه غاية حتّى السالك إلى الله وعنده يهون كلّ شيء.