«نَمِرَة».. الوجهة والواجهة - جريدة المدينة

وعند ابن سعد في طبقاته: «وأمرَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- المغيرةَ بن شعبة أن يكتب ليزيد بن المحجل الحارثي، أن له ولقومه نمرة ومساقيها ووادي الرحمن من بين غابتها.. ». وأنا هنا لا أجزم بأن نمرة الواردة في الأثر هي نمرة التي نتحدث عنها، غير أن ما يَلفت النظر هو أن بلدة نمرة ووادي الرحمن (المتجاورَين اليوم مكانيًّا)، وقبيلة الحارثي، لها اليوم -جميعها- وجود في محافظة العرضيات. طراطيع نمره العرضيه الشماليه. من أي جهةٍ أقبلتَ على نمرة يتبدَّى لك حصنُها العتيق الأنيق، بحجارته المنحوتة، متربعًا على متن تَلٍّ تحف به نمرة من جهاته جميعها، وكم وددتُ لو أن بلدية العرضية الشمالية سلَّطتِ الأنوارَ الكاشفة على أضلاع الحصن الأربعة بحيث يصبح لكل ضلع لون يميزه، فيغدو مَعلمًا فارقًا في نمرة والمحافظة. بدأتْ نمرة من جوار حصنها العتيق، في قلاع ومساكن حجرية، وقد تحول بعضها لمقارَّ رسمية لمركز إمارة مركز العرضية الشمالية ومحكمتها وشرطتها وسجنها وهيئتها بدءًا من العام (١٣٨٥هـ)، وكان يجاور تلك القلاع والمساكن سوق الثلاثاء الشعبي الذي يُعد واحدًا من أشهر أسواق المحافظة، واليوم تمدد وتباعد عنها. من التحولات التي شهدتها نمرة افتتاح مدرستها الابتدائية عام (١٣٨١هـ)، بالتزامن مع ابتدائيتَي (المُعَقَّص والطَّبَقَة)، وقد سُبقَت الثلاث بابتدائية الفائجة (١٣٦٩هـ) على مستوى مركز العرضية الشمالية، كما شهدت نمرةُ افتتاحَ أول متوسطة (١٣٨٩هـ) وأول ثانوية (١٣٩٩هـ) في المركز، ومعهد المعلمِين الوحيد في المحافظة (١٤٠١هـ)، وأول مكتب للتعليم في المحافظة (مكتب الإشراف- ١٤٠٦هـ) ثم أُغلق، وأُعيد افتتاحه عام (١٤١٥هـ) بمسمى (مكتب الإشراف التربوي بنمرة).

طراطيع نمره العرضيه الشماليه

OKAZ_ONLINe@ اعتمدت بلدية العرضية الشمالية ثلاثة مشاريع لحدائق ومتنزهات؛ تشمل تصميم حديقة كبيرة للعوائل بمساحة 53 ألف متر مربع، وهي قيد التسليم الابتدائي، إضافة إلى مشروع إنشاء حديقة بمساحة 22 ألف متر مربع وملعبين. وأعلنت البلدية تعقيبا على ما نشرته «عكاظ» بعنوان «نمرة مجردة من المشاريع التنموية» (13/‏4/‏1438)، اعتماد مشروع إنشاء أسواق شعبية، لافتة إلى أنه يجري العمل حاليا على تصميم سوق لنمرة بطابع حديث، وهو في آخر مراحل الإنشاء، إضافة إلى سوق الفائجة وسوق العوامر. وكانت «عكاظ» نقلت شكوى أهالي نمرة من نقص الخدمات التنموية في مدينتهم، لافتين إلى أنها سقطت من حسابات الجهات المختصة، بعد أن جردت من مراكز الخدمية ومحاولة الاعتماد على القطاع الخاص في توفيرها.

نمرة

موقع حراج

وفي نهايات القرن الهجري الماضي (١٣٩٨هـ) شهدت نمرة تحولاً جديدًا؛ حين اخترقتها الطريق العامة (جدة-أبها)، وأقامت الشركةُ الإيطالية (جراند لافوري) المنفذةُ للطريق مقرًّا ضخمًا (كامب) لها في نمرة، وقد ظل مَعلمًا حضاريًّا مدهشًا حتى أُزيل قبل فترة. ثم شهدت نمرة تحولاً آخرَ نهايةَ القرنِ الهجري الماضي؛ حين تم اعتماد مخططها الحديث ليتصل بها من الغرب ويتمدد على مساحة كبيرة، وهو المخطط الذي أصبح نقطة جذب، وخاصة للتجار ورجال الأعمال، وصار مقرًّا للإدارات الحكومية القائمة والمستحدَثة، وللكم الوافر من المؤسسات الخيرية والتنموية والأهلية. ونظرًا لموقع نمرة المميز ونهضتها المتسارعة فقد تهادت إليها فروع البنوك، فافتُتح فيها أول فرع في المحافظة مطلع القرن الهجري الحالي، كما شهدت افتتاح عدد من المستوصفات الأهلية، والعيادات والصيدليات الخاصة. ونظرًا لكثافة الإقبال على نمرة فقد شهدت تحولاً جديدًا؛ حينما تم تعزيز مخططها الأول بمخطط آخر أكبر مساحة، لتلتقي نمرة من شمالها الغربي بمخطط المَدَرَات، ومن جنوبها بمخططين سكنيين أهليين شكلت جميعها نسيجًا متناغمًا لحاضرة مزدهرة. بهذا التطور المتسارع غدت نمرة قلبَ العرضيات النابض، وواجهتها الاقتصادية والحضارية، وهو ما جعلها هدفًا للمراكز التجارية والأسواق الحديثة، وجعلها قبلةً للمستثمرين؛ فكثُرت فيها قصور الأفراح الراقية، والمطاعم الحديثة والمهرجانات الترفيهية.