والله يعصمك من الناس سبب النزول

*ولما انطلق سراقة بن مالك في إثر النبي صلى الله عليه وسلم ليقتله، غاص فرسه في الرمال، وهو ينادي: يا محمد ادع الله لي، ولك أن أرد عنك الطلب (أي طلب قريش للنبي صلى الله عليه وسلم في هجرته) فلما دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم عاد ليطلبه صلى الله عليه وسلم مرة أخرى... حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: « ارجع يا سراقة ولك سوارا كسرى»!! وبعد سنين وسنين، خلالها أكرم الله سراقة رضي الله عنه بالإسلام، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ووفاة أبي بكر رضي الله عنه، فتح الله بالمسلمين بلاد فارس وأمكن للمسلمين كنوزها، ونادى عمر رضي الله عنه: أين سراقة بن مالك ؟.. أين سراقة بن مالك ؟ وأعطاه ما وعده رسول الله صلى الله عليه وسلم.. (والله أكبر) ارتجت بها أطراف المدينة من تكبير الناس ( من كتاب (والله يعصمك من الناس)). وروى مسلم في صحيحه عندما أقسم أبو جهل باللات والعزى لئن رأي النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في الكعبة ليطأن على رقبته الشريفة، فما رأوه إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتقي بيده، فقيل له مالك ؟ قال: إن بيني وبينه خندقًا من نار وهولًا وأجنحة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:« لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا ».

  1. معنى قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}
  2. والله يعصمك من الناس

معنى قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}

وقد عصم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم من كفار قريش عندما أرادوا قتله في مكة ، وعصمه ربه من القتل في المدينة فيما حضره من غزوات ، بل وحتى محاولة اليهود قتله بالسم: فإن الله تعالى قد عصمه منها ، فأخبرته الشاة أنها مسمومة ، ومات الصحابي الذي كان معه ، وأكل منها – وهو بِشْر بْن الْبَرَاء بْن مَعْرُور - ولم يمت صلى الله عليه وسلم ، ولا يخالف هذا وجوده أثر ذلك السم ، واعتقاده أنه سيموت بسببه ، وما قاله صلى الله عليه وسلم ليس فيه أن السم هو سبب موته ، بل فيه أنه يشعر به ، وأنه قد يكون هذا هو الموافق لانتهاء أجله. وبكل حال: فإن العصمة من القتل هي فيما كان قبل تبليغ رسالة ربه ، ولم يمت صلى الله عليه وسلم إلا وقد أبلغها على أكمل وجه ، وسياق الآية يدل على ذلك ، حيث أمره ربه تعالى بتبليغ الرسالة ، وأخبره أنه يعصمه من الناس. ومما يدل على ذلك أيضاً: قوله صلى الله عليه وسلم لليهودية ( مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ) بعد أن أخبرته أنها أرادت قتله ، وهو نص إما في عصمته من القتل بالسم حتى فارق الدنيا ، أو هو نص في ذلك قبل تبليغ الرسالة. وخلاصة الكلام: أنه إما أن يُقال بأن النبي صلى الله عليه سلم عُصم من القتل بالسم – كما سيأتي في كلام ابن كثير والنووي وغيرهما - ، وقد أوحى الله بوجود السم فيها ، وهذا من عصمته له ، أو يقال: إن العصمة هي في أثناء التبليغ لرسالة الإسلام ، ولا ينافي ذلك وقوع القتل بعد التبليغ لها – كما سيأتي في كلام القرطبي وابن حجر والعثيمين - ، وأن الله تعالى جمع بذلك القتل لنبينا صلى الله عليه وسلم بين النبوة والشهادة ، وجعل ذلك تذكيراً لنا على الدوام بعداوة اليهود لنا ولديننا.

والله يعصمك من الناس

يحق لك أخى المسلم الإستفادة من محتوى الموقع فى الإستخدام الشخصى غير التجارى المشاهدات: 322, 363, 069

فمن رحمة الله للعالمين أنه أرسل إليهم رسولاً منهم يدعوهم إلى الله جل وعلا. فأول هذه الحكم تقطع الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم -ليحسم مادة الشرك وليحافظ على التوحيد-: ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله)، إذ إن الذين غلوا في عيسى ما قالوا: إنه خلق من ماء وطين، بل قالوا: هو مشتق من الأقانيم الثلاثة، التي هي نور من الله جل وعلا، ونسبوا عيسى لله جل وعلا. وأهل التصوف شابهوا فعلهم هذا فقالوا: محمد لم يخلق من ماء وطين بل خلق من نور، ثم ارتقوا بعد ذلك إلى أن وسموه بالربوبية والإلهية، كما قال البوصيري في البردة: وإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم فما ترك لله شيئاً، فالدنيا والآخرة من وجود النبي صلى الله عليه وسلم، وعلم اللوح والقلم من علم النبي صلى الله عليه وسلم، فأين الله؟! ولذلك تعقب ابن رجب صاحب البردة فقال: هذا الرجل جن في عقله، فما ترك لله جل وعلا شيئاً، وإنما جعل كل شيء للنبي صلى الله عليه وسلم. فمن الحكم البليغة فيه إظهار بشرية النبي صلى الله عليه وسلم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأثر كما يتأثر البشر، ويمرض كما يمرض البشر، وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وكان مريضاً يتألم ويتوجع، فقلت: يا رسول الله!