ما هو مجلس الشورى

ما بعد مجلس الشورى: رغم أن استحداث مجلس الشورى قد وسّع دائرة الأعيان كما أسلفنا؛ إلا أن هذه الدائرة قد حافظت على مكوّناتها الاجتماعية التي ضمّت بشكل رئيسي العلماء والملّاك والآغاوات والتجار. مجلس الشورى والحق الضائع. حيث أن بعض أعضاء مجلس الشورى بحمص في العهد المصري استمرّوا بالتواجد في المجالس البلدية العثمانية بعد انسحاب المصريين؛ كمفتي حمص سعيد الأتاسي، نقيب الأشراف عبد الوهاب الزهراوي، وابراهيم افندي الزهراوي. ولم ينحصر هذا الأمر بالأعضاء المسلمين، فعلى سبيل المثال؛ المعلم نسيم قسطون، من بني فضول، الذي كان مكرمًا لدى ابراهيم باشا، وطُلب لدمشق ليكون معاونًا ليوحنا بحري بك مدير حسابات الأقاليم العربية، ثم عاد لحمص بعد انسحاب المصريين ليتسلّم منصب أمين الخزينة في المجلس البلدي سنوات عديدة حتى وفاته عام 1846. وقد وضعت مجالس الشورى المصرية الأسس لتطوير فكرة "المساواة" -ولو بشكل نظري- حيث مهدّت الطريق نحو "مجالس إدارة القضاء" العثمانية التي تقتضي كون نصف الأعضاء المنتخبين من المسيحيين. فيما نلاحظ في بعض الوثائق كون أولئك الأعضاء ممثلين عن طوائفهم (على سبيل المثال: عن الكاثوليك: انطون افندي كرامة، عن السريان: عبود آغا السرياني).

مجلس الشورى والحق الضائع

وعن أزمة الإسكان أفاد المهنا بأن المجلس أقر عدداً من الأنظمة التي تهدف إلى التأثير إيجاباً بما يعالج أزمة الإسكان ودفع عجلة التنمية الإسكانية والعقارية في المملكة وبما يؤدي إلى زيادة إسهام الجهات التمويلية في عملية التمويل للإسكان.

محمد السباعي [صنف العلماء]. أحمد محرم [من تجار حمص]. حامد صافي [من كبار تجار حمص]. صالح الحسامي[من تجار حمص]. حوري رسلان [من الملّاك]. نجد أن أعضاء المجلس هم من أعيان الفترة السابقة للعهد المصري، من علماء وملّاك وآغاوات [كعبد الله آغا الجندي آخر متسلّم لحمص في العهد المصري]، مما يعني بأن العهد المصري لم يحطم طبقة الأعيان القديمة أو يؤسس لطبقة جديدة، بل قام بتوسيع طبقة الأعيان القديمة ومأسستها، وتقنين ممارساتها السياسية ضمن جهاز إداري يتبع للمركز (في حالة العهد المصري: دمشق)، وهو ما أحيى روح المركزية في سورية بعد خمودها لقرنين من الزمان. إن هذه المجالس كانت، ورغم محدوديتها، أول تطبيق عملي وحقيقي لفكرة "التمثيل" -أي تمثيل الرعية-، بعد أن كانت منحصرة في ممارسات غير واضحة وغير منظّمة من الأعيان. وكذلك كانت تطبيقًا أوسع للفكرة الدخيلة على المجتمع السوري: المساواة. فقد منح ابراهيم باشا المسيحيين المزيد من المساواة وأشركهم في الحكم المحلّي عبر عضويتهم في دواوين المشورة، إضافةً إلى تسلّمهم في أغلب الأحيان منصب "المُباشر"، الذي كان بمثابة أمين سرّ متسلّم المدينة، يتولّى فيها وظائف الصراف أو مدير المال وإدارة حسابات المدينة وأموال الفريضة والضريبة الرسمية.