عبد الله بن المقفع

ومنه -أيضًا-: «ومتى غدر أمير المؤمنين بعمِّه عبد الله فنساؤه طوالق، ودوابه حبس وعبيده أحرار». فأسرَّها المنصور في نفسه، وتلقَّف تهمةً كانت شائعةً في تلك الأيام وهي تهمة الزندقة، رمى بها بعضهم عبد الله بن المقفع (وقد ثبتت براءته منها)، فأمر والي البصرة "سفيان بن معاوية" بقتله.. وكان سفيان بن معاوية بن يزيد شديد الكراهية لابن المقفع وينتظر له أي فرصة للنيل منه، لما كان يفعله فيه ابن المقفع من السخرية منه والتندُّر عليه لأنَّ أنفه كان كبيرًا.. فكان إذا دخل عليه قال: "السلام عليكما! " يقصد أنفه! ، وكان يسأله عن الشيء بعد الشيء، فإذا أجاب قال له (أخطأت! ) ويضحك منه.. فلمَّا كثر ذلك على سفيان غضب واشتدَّ غيظه منه، وكان ابن المقفع قال له يومًا في معرض السب والسخرية: «يا ابن المـُغْتَلِمَة، واللهِ ما اكتفت أمُّك برجال أهل العراق حتى تعدَّتْهم إلى أهل الشام». فأضمر سفيان في نفسه أن يعمل على قتله إذا أمكنته من ذلك فرصة، وقد كان يمنعه قرب ابن المقفع من الخليفة ومكانته في الديوان. فعندما حانت الفرصة ثأر منه أقسى ثأر وأشده تنكيلًا؛ فقطَّع جسده قطعًا قطعًا ورماه في الفرن، فمات محروقًا إربًا إربا. وكانت آخر كلمات ابن المقف لسفيان بن معاوية: «والله إنَّك لتقتلني؛ فتقتل بقتلي ألف نفس، ولو قُتِل مائة مثلك لَمَا وفُّوا بواحد».

عبدالله بن المقفع Pdf

بعد ذلك ربطه وآمر بإحضار فرن تنور فَسجَّره وأوقده حتى أصبح حامياً مُتوّقداً عندئذٍ آمر سفيان رجاله بِتقطيع أعضاء وأطراف عبد الله بن المقفع عضواً عضواً وكُلما قطعوا عضواً من جسم ابن المقفع يقول لهم سفيان بن معاوية: « ألقوه وأرموه في النار ». فجعل رجال سفيان يقطعون أعضاؤه ثم يرمونها في الفرن حتى تحترق بينما يرى وينظر لها عبد الله بن المقفع حتى هلك ومات من شدة التعذيب. وقال له سُفيان عِندما كان يُحتضّر: « ليس عليّ في المثلة بك حرجٌ، لأنك زنديق قَدْ أفسدت النّاس ». علق المؤرخ الذهبي في كِتابه سير أعلام النبلاء على هذه الحادثة قائِلاً: «كانَ ابنُ المُقفَّعِ معَ سعَةِ فَضْلِه، وَفرطِ ذكائِهِ، فِيْهِ طَيشٌ، فَكانَ يقُوْلُ عَنْ سُفْيَانَ المُهلَّبيِّ: ابْنُ المُغْتَلِمَةِ مِما تَسَبّب بقتلِه. » ابن المقفّع بين فكّي التاريخ دافع عنه غير واحد من المؤرخين، ودحضوا عنه تهمة الزندقة التي اتهمها به أعداءه، منهم وائل حافظ خلف في تصديره لكتاب الأدب الصغير، وفي كتابه "خواطر حول كتاب كليلة ودمنة"، حيث قال في الكتاب الأول: ((كان عبد الله بن المقفع مجوسيًا من أهل فارس، وكان يسمى روزبه بن داذويه، وأسلم على يد عيسى بن علي عم السفاح والمنصور، وأطلقوا على أبيه: المقفع – بفتح الفاء - ؛ لأن الحجاج بن يوسف الثقفي كان قد استعمله على الخراج، فخان، فعاقبه حتى تقفعت يداه.

تعريف عبد الله بن المقفع

شوقي ضيف. كتب عبد الله بن المقفع:- كليلة ودمنة: ترجمه من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية، ويتناول نوعاً مميزاً من القصص، وهي تلك القصص التي تجري على ألسنة الحيوانات، والتي تتكون بنيتها من مجموعة من العناصر تتضمن: الحدث والزمان والمكان والشخصيات، هذه القصص تحوي الأمثال والعبر التي تُستقى منها الحكمة وحسن التصرف. الأدب الكبير: رسائل أدبية بديعة. الأدب الصغير: رسائل أدبية بديعة. الصحابة: وهي رسالة أدبية بديعة. الدرة اليتيمة. وقد ترجم ابن المقفع مجموعة من الكتب، وتميزت ترجمته بالسهولة والبساطة؛ ومن هذه الكتب:- قاطيغورياس، لأرسطوطاليس. باريمينياس، لأرسطوطاليس. أنالوطيقا، لأرسطوطاليس. المدخل إلى كتب المنطق المعروف بأيساغوجي.

وقد أجمعَ المؤرِّخونَ على أنَّ قاتِلَهُ هو سفيانُ بنُ معاويةَ المهلَّبيُّ والي البصرةِ الذي تولَّاها بعدَ عزلِ الخليفةِ أبي جعفرٍ لعمِّه سليمانَ بنِ عليٍّ من ولايتِها.