ولن تستطيعوا ان تعدلوا

(وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (١٢٩) وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (١٣٠)) [النساء: ١٢٩ - ١٣٠]. (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) أي: لن تقدروا أن تسووا بين النساء في الحب وميل القلب ولو حرصتم عى العدل. • قال القرطبي: أخبر تعالى بنفي الاستطاعة في العدل بين النساء، وذلك في ميل الطبع بالمحبة والجماع والحظ من القلب، فوصف الله تعالى حالة البشر وأنهم بحكم الخلقة لا يملكون ميل قلوبهم إلى بعض دون بعض. ص73 - كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح - باب العدل بين النساء ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء إلى قوله واسعا حكيما النساء - المكتبة الشاملة. • وقال الشنقيطي: هذا العدل الذي ذكر الله تعالى هنا أنه لا يستطاع، هو العدل في المحبة والميل الطبيعي، لأنه ليس تحت قدرة البشر، بخلاف العدل في الحقوق الشرعية فإنه مستطاع. • وقال ابن كثير: أي: ولن تستطيعوا أيها الناس أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه، فإنه وإن وقع القسم الصوري ليلة وليلة فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة. • وقال الرازي: المعنى أنكم لستم منهيين عن حصول التفاوت في الميل القلبي لأن ذلك خارج عن وسعكم، ولكنكم منهيون عن إظهار ذلك التفاوت في القول والفعل.

ص73 - كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح - باب العدل بين النساء ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء إلى قوله واسعا حكيما النساء - المكتبة الشاملة

ما يقوم مقام الميل الطبيعي. فذلك من الميل إليها الموصى به في قوله: { فلا تميلوا كلّ الميل} ، أي إلى إحداهنّ أو عن إحداهنّ. قراءة سورة النساء

وبما ذكرناه يتَّضح معنى قوله تعالى: ﴿فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً﴾ (4) فالمراد من الأمر بالاكتفاء بالواحدة حين الخوف من عدم العدل هو عدم العدل في النفقة والقسمة وسائر شئون المعاشرة بالمعروف، فإنَّ الإنسان قد يكون قادراً على ذلك، وقد لا يكون قادراً، فمَن كان قادراً على المساواة والعدل في المعاشرة والنفقة كان له أنْ يتزوَّج بأكثر من زوجة، ومَن كان يخشى عدم القدرة على العدل في المعاملة فالأجدرُ به أنْ لا يتزوَّج إلا واحدة. وأمَّا الآيةُ التي نحن بصدد بيانها فالمراد من عدم الاستطاعة على العدل هو عدم القدرة على التحكُّم في المشاعر حيثُ لا اختيار للإنسان فيما يُحب وفي مستوى ما يُحب. وأمَّا ما ورد في عقوبة مَن يَظلم إحدى زوجتيه ولا يُساوي بينها وبين الأخرى في المعاملة فرواياتٌ عديدة. منها: ما رُوي عن النبيِّ (ص): "مَن كانت له امرأتان يميلُ مع احداهما جاء يوم القيامة وأحدُ شِقَّيه مائل"(5). والحمد لله رب العالمين من كتاب: شؤون قرآنية الشيخ محمد صنقور 1- سورة النساء / 129. ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم. 2- الكافي -الشيخ الكليني- ج5 / ص362، وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج21 / ص345 / باب 7 من أبواب القسم والنشوز / ح1، تفسير العياشي -محمد بن مسعود العياشي- ج1 / ص279، تفسير القمي -علي بن إبراهيم القمي- ج1 / ص155.