وليعفوا وليصفحوا الا تحبون ان يغفر الله لكم

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. اعلموا أن الله تعالى قد أمرنا بالصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وجعل للصلاة عليه في هذا اليوم والإكثار منها مزية على غيره من الأيام, فللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. عباد الله.. {أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} - أبو فهر المسلم - طريق الإسلام. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى, وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي, يعظكم لعلكم تذكرون, فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم, واشكروه على نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر, والله يعلم ما تصنعون.

القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة النور - الآية 22

ومع كلِّ ما امْتَلأَت به القلوب من الحزن والألَم، ومع عِظَم حجم الفاجعة التي هزَّت المنطقة وزَلْزَلت من سَمْعها وعايَنها؛ لوحشيَّة فِعْل المرأة القاتلة، وبُرودة دَمها أثناء البحث عن الابن، كل هذه الأحداث شَحَنت القلوب بشحنة من البُغض والكراهية لهذه المرأة، ورغبةً في تمزيق قلبها - كما مزَّقت جثَّة ذلك الطفل، ومزَّقت قلوب والديه وأهله - انْهَالَت الرسائل الموعزة للوالدين بعدم التنازُل عن القِصاص بالقاتلة، وبأنها تستحقُّ الموت مئات المرات؛ لجريمتها المُنكرة، إلاَّ أنَّ أمرًا أعظمَ من ذلك زلزَل القلوب وأسال الدموع، وأثارَ كوامِنَ النفوس، وجعَلها تَلْهج بالتكبير والتهليل. ألاَ وهو ما أقْدَمَت عليه الوالدة الثَّكلى من عفوٍ عن المرأة الأخرى! عفَت عمَّن تجرَّدت من إنسانيَّتها، فأرَتْها بذلك كيف تكون الإنسانيَّة، عفَت واحْتَسَبت بالرغم من كلِّ الألَم والحزن الذي يُفَتِّت قلبها.

{أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} - أبو فهر المسلم - طريق الإسلام

قال الشافعي رحمه الله: لما عفوتُ ولم أَحقِدْ على أحدٍ ***أرحتُ نفسي مِن همِّ العداواتِ قال بعض البلغاء: "ما ذبَّ عن الأعراض.. كالصفح والإعراض". روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله). إن العافي عن الناس يَعَزّ ويرتفع مرتين: مرة في قلوب الناس بعدم انتقامه.. ومرة يرتفع في منازل الآخرة.. روى أبو داوود وغيره وصححه الألباني عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! كم نعفو عن الخادم؟ فصمت! شبكة الألوكة. ثم أعاد عليه الكلام، فصمت! فلما كان في الثالثة، قال: (اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة). قال الأصمعي: أُتي المنصور برجل يعاقبه فقال: يا أمير المؤمنين، الانتقام عدل، والتجاوز فضل، ونحن نعيذ أمير المؤمنين بالله أن يرضى لنفسه بأوكس النصيبين دون أن يبلغ أرفع الدرجتين. فعفا عنه.

شبكة الألوكة

العفو الجمعة 20/7/1439هـ الحمد لله العفو الغفور, لا تنقضي نعمه ولا تحصى على مر الدهور, وسع الخلائق حلمُه مَهما ارتكبوا من شرور, يتوب على من تاب ويغفر لمن أناب و يجبر المكسور, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جعل الظلمات والنور, و أشهد أن سيدنا محمداً عبده و رسوله المرفوع ذكره في التوراة و الإنجيل والزبور, المزمل بالفضيلة والمدثر بالطهر والعفاف و المبرأ من الشرور, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم البعث والنشور.

موطن العجب في ذلك الحديث برواياته هو تلك المغفرة الشاملة التي تتبدى في هذه الكلمات الجامعة: « فيغفر لجميع خلقه » و« فيغفر للمؤمنين ». تأمل الشمول والعموم الذي يجعل المرء في حالة من الذهول أمام تلك المغفرة الواسعة ممن قال عن نفسه « إن ربك واسع المغفرة ». يزيد تلك الدهشة أن هذه المغفرة على عمومها لم يُذكر عمل معين مرتبط بها بل جعلها الله كهديه وعطية في هذه الليلة الكريمة من ذلك الشهر الذي قال عنه النبي: « شهر يغفل عنه الناس ». فقط هناك شرطان ينبغي أن يتحققا فيمن تشملهم تلك المغفرة الواسعة: الإيمان بالله ثم سلامة الصدر وترك الشحناء والبغضاء والحقد والغل والكراهية إذاً فهي مغفرة شاملة أيضا لكن الاستثناء لصنفين أهل الشرك والكفر وهذا مفروغ منه متحقق بقول الله: « إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء » ثم أهل الحقد والشحناء والتدابر والتباغض. قال ابن الأثير: "هو المعادي والشحناء العداوة والتشاحن تفاعل منه". وقال المناوي في فيض القدير: "لعل المراد البغضاء التي بين المؤمنين من قبل نفوسهم الأمارة بالسوء". وقال ملا القاري في مرقاة المفاتيح: "مشاحن أي مباغض ومعاد لأحد لا لأجل الدين".