لم يسلم هو أيضًا من الاضطرابات التي جعلته على حافة الجنون؛ حيث جعلته يمشي وهو نائم ويقوم بفعل أشياء -مصائب في الغالب- لا يتذكر منها شيئًا، وأصبح من الصعب عليه التمييز بين الواقع والخيال، وأخيرًا صار يرى ويحدث أشخاصًا ماتوا. تلك الاضطرابات لم تكن بالصدفة بل كانت نتيجة الكثير من الضغوطات الواقعة عليه، مثل حالة الجنون التي ضربت المدينة، وتفكك أسرته وتحطمها برحيل زوجته وابنها مما أثر سلبيًا على ابنته. نتيجة كل ذلك كانت الفشل المستمر في تكوين أسرة أو الحفاظ على الحياة الاجتماعية، بالإضافة إلى تأثر حياته المهنية وابتعاده عنها في فترة ما. وكانت الحيرة هي رفيقه الدائم في حياته والمكون الأساسي لشخصيته حتى قبل حادثة الاختفاء المفاجئ، نراها في أفعال بسيطة مثل تدخينه للسجائر بعد ممارسة الجري، أو على مقياس أكبر كشعوره بالضيق من أسرته بسبب بعض التفاصيل الصغيرة رغم استقرارها نسبيًا. لكن رغم كل ذلك كانت الصفة الملازمة له مع الحيرة، هي الإصرار والسعي إلى النجاة. ماكينزي: الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران تعرض القوات الأميركية للخطر. لم يتوقف أبدًا عن المحاولة والبحث عن الاستقرار رغم كل الآلام التي يتعرض لها، حتى اعتبره البعض بالنظر إلى كل ما مر به مسيحًا آخر. جماعة بقايا المذنبين طائفة مذهبها العدمية تؤمن بأن نهاية العالم كانت يوم الاختفاء المفاجئ، هدفهم هو تذكير الناس بالموت وأن كل شيء فاني.
صحيح أنهم، بعد عام 1991، توقفوا عن تذكر أن الخط الذي تم رسمه في الماضي جاء بفضل تقسيم أوروبا، وأن التكامل الأوروبي أصبح قادراً على الانطلاق والتطور على وجه التحديد في ظروف المواجهة الخارجية. وتماماً كما في العقود الثلاثة التي تلت عام 1991، تلاشت فكرة أن إلغاء الستار الحديدي أصبح ممكناً بفضل النيّات الحسنة للقيادة السوفياتية. وبدلاً من ذلك، طغت مقولة الدور والمساهمة الحاسمَين في ذلك للمنشقين من بولندا ودول أخرى في أوروبا الشرقية. إن هذا ليس مجرد تحول في الأولويات السياسية، لكنه مظهر من مظاهر تغير المقاربات بشأن المفاهيم. وعلى الرغم من الحروب والاضطرابات، فإنه كان يُنظر إلى تاريخ القرن العشرين على أنه نتاج أعمال مشتركة، أساسها الانتصار المشترك في الحرب العالمية الثانية، والذي كان من المعتاد الإشادة بها حتى في الأزمات السياسية الحادة. بيد أن التَّأَكُّل في هذه المفاهيم بدأ منذ وقت طويل، عندما أدى دخول دول أوروبا الشرقية في المؤسسات الأوروبية الأطلسية إلى تغيير سريع في الذاكرة التاريخية في الاتحاد الأوروبي. وشكّل علامةً فارقة اعتمادُ البرلمان الأوروبي، في عام 2019، قراراً يحمّل ألمانيا والاتحاد السوفياتي، بالتساوي، المسؤوليةَ عن إطلاق العنان للحرب العالمية الثانية.
14 أكتوبر 2014، يبدو أن الحياة تسير بشكل طبيعي في يوم روتيني. أم تضع طفلها الباكي بالسيارة ليتوقف بكاؤه فجأة لتلتفت الأم ولا تجده، فتخرج من السيارة لتجد طفلًا يصرخ بحثًا عن والده، وسيارة بلا قائد ترتطم بسيارة أخرى. تكبر الصورة شيئًا فشيئًا، حالات اختفاء بكل مكان، 1. 47 مليون بإيران، 1. 55 بتركيا، و1. 71 بألمانيا، وأرقام مناظرة في مصر وفيتنام وفي كل دول العالم. إجمالي 2%من سكان العالم اختفوا فجأة في نفس اللحظة تحت مسمى "الرحيل المفاجئ"، لا يوجد أي شيء مشترك بينهم ولا أي ظاهرة تفسر ما حدث. نسبة قد يستهين بها المرء لكنها في الحقيقة تمثل حوالي 150 مليون شخص! بدأ مسلسل The Leftovers بكارثة مبهمة أدت إلى فوضى عارمة! جماعة من الناس آمنت بانتهاء العالم، أخرون يحاولون التماسك كنورا دورست التي فقدت أسرتها الممثلة في زوجها وطفليها، بينما أخيها "مات" القس لم يتأثر إيمانه برغم كل المصائب التي تتوالى عليه. البعض أصابتهم الحيرة باللا مبالاة كجيل ابنة الضابط كيفن جارفي، رئيس شرطة مدينة مابلتون التي تدور بها أحداث المسلسل، الذي يحاول السيطرة قدر الإمكان على الفوضى بالمدينة بجانب ما يعانيه من صراعات نفسية وعائلية.