لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر

ولأحمد والبخاري ومسلم وغيرهم من حديث حذيفة { فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره يكفرها الصلاة ، والصيام ، والصدقة ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر}. وعن أبي البختري أخبرني من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { لن يهلك الناس أو يعذروا من أنفسهم} إسناد جيد رواه أحمد وأبو داود. يقال أعذر فلان من نفسه إذا أمكن منها يعني أنهم لا يهلكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم فيستوجبون العقوبة ويكون لمن يعذبهم عذرا كأنهم قاموا بعذره في ذلك ويروى بفتح الياء من عذرته وهو بمعناه وحقيقة عذرته محوت الإساءة وطمستها ويتعلق بالصدق والكذب ما يتعلق بالحق والباطل وله تعلق بهذا. وعن أبي عبيدة عن ابن مسعود مرفوعا { لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم في مجالسهم وواكلوهم وشاربوهم فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم { ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}. حديث: «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر» - عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - طريق الإسلام. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس فقال: لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا} رواه أحمد. ولأبي داود { ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال: { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود} إلى قوله { فاسقون} ثم قال: كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا} زاد في رواية { أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعننكم كما لعنهم} وروى [ ص: 173] الترمذي وابن ماجه هذا المعنى.

والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن اللَّه أن يبعث - هوامير البورصة السعودية

وروى مسلم أيضا من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ** ما من نبي بعثه الله قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره, ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون, ويفعلون ما لا يقولون, فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن, ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن, ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن, ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل **. وأخرج الإسماعيلي بإسناد ضعيف عن عمر رضوان الله عليه مرفوعا ** يوشك هذه الأمة أن تهلك إلا ثلاثة نفر, رجل أنكر بيده وبلسانه وبقلبه, فإن جبن بيده فبلسانه وقلبه, فإن جبن بلسانه ويده فبقلبه **. والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن اللَّه أن يبعث - هوامير البورصة السعودية. وأخرج الإسماعيلي أيضا بإسناد منقطع عن علي رضوان الله عليه مرفوعا ** ستكون بعدي فتن لا يستطيع المؤمن فيها أن يغير بيد ولا بلسان. قلت يا رسول الله وكيف ذلك ؟ قال ينكرونه بقلوبهم. قلت يا رسول الله وهل ينقص ذلك إيمانهم شيئا ؟ قال لا إلا كما ينقص القطر من الصفا ** [ ص: 227] وخرجه الطبراني بمعناه من حديث عبادة بن الصامت بإسناد ضعيف مرفوعا. فهذه الأخبار ونحوها دلت على وجوب إنكار المنكر بحسب الإمكان والقدرة عليه, وأن الإنكار بالقلب لا بد منه, فمن لم ينكر قلبه المنكر دل على ذهاب الإيمان من قلبه, وقد قال علي رضوان الله عليه " إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم, ثم الجهاد بألسنتكم, ثم الجهاد بقلوبكم, فمن لم يعرف قلبه المعروف وينكر قلبه المنكر نكس فجعل أعلاه أسفله.

حديث: «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر» - عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - طريق الإسلام

وفي الحديثِ: التَّحذيرُ والتَّرهيبُ مِنْ تَرْكِ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عَن المنكَرِ.

وفي هذين الحديثين الأخيرين يقول ﷺ: أفضل الجهاد كلمة حقٍّ عند سلطانٍ جائرٍ ، مثل: مناصحة ولاة الأمور، وتوجيههم إلى الخير، كل هذا من الجهاد، ومن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فولي الأمر وأمير البلد وشيخ القبيلة يُناصَح ويُوجَّه إلى الخير، هذا من أعظم الجهاد؛ لأن بصلاح ولاة الأمور تصلح أحوال الناس، ويكثر الخير، ويقل الشر، وإذا فسد ولاة الأمور وضيَّعوا الواجب كثر الشر والفساد.