قال: هذا حديث حسن صحيح. قال المفسرون: هو الذنب على الذنب حتى يسودَّ القلب. وبذا قال مجاهد: هي مثل الآية التي في سورة البقرة: بلى من كسب سيئة الآية. ونحوه عن الفراء ؛قال: يقول كثرت المعاصي منهم والذنوب ، فأحاطت بقلوبهم ، فذلك الرين عليها. وروي عن مجاهد أيضا قال: القلب مثل الكهف ورفع كفه ، فإذا أذنب العبد الذنب انقبض ، وضم إصبعه ، فإذا أذنب الذنب انقبض ، وضم أخرى ، حتى ضم أصابعه كلها ، حتى يطبع على قلبه. قال: وكانوا يرون أن ذلك هو الرين ، ثم قرأ: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون. ولم يرد عند مجاهد ولا عند الفراء ولا غيرهما من المفسرين لفظ الران على أنه الاسم. بل ذكروا المصدر الرين. ثم أتوا بالآية. وهذا ما جاء به اللغويون. ولا يمكن أن يختلفا ، فالقرآن مرآة اللغة الفصيحة ، واللغة العربية سبيل المفسرين لفهم كلام الله – عزَّ وجلَّ – وقد أجمع أهل اللغة على أنه يقال: ران على قلبه ذنبُه يرينُ ريْنًا وريونًا أي غلب. قال أبو عبيدة في قوله: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون أي غلب. وقال أبو عبيد: كل ما غلبك وعلاك فقد ران بك ، ورانك ، وران عليك. وقال الشاعر: وكم ران من ذنب على قلب فاجر فتاب من الذنب الذي ران وانجلى ورانَت الخمر على عقله: أي غلبته ، وران عليه النعاس: إذا غطاه.
أن الذنوب إذا تكاثرت، طُبِعَ على قلب صاحبها فكان من الغافلين.. يقول تعالى {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14] قال بعض السلف: هو الذنب بعد الذنب. وقال الحسن: هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب. وقال غيره: لما كثرت ذنوبهم ومعاصيهم أحاطت بقلوبهم. وأصل هذا أن القلب يصدأ من المعصية.. فإذا زادت غلب الصدأ حتى يصير رانًا، ثم يغلب حتى يصير طبعًا وقفلاً وختمًا فيصير القلب في غشاوة وغلاف.. فإذا حصل له ذلك بعد الهدى والبصيرة، انتكس فصار أعلاه أسفله فحينئذ يتولاه عدوه ويسوقه حيث أراد. المصدر: الجواب الكافى صـ 39.