واعلموا انما الحياة الدنيا لعب ولهو

وقد مضى هذا في الأعراف وغيرها. {والله ذو الفضل العظيم}. اكسب ثواب بنشر هذا التفسير

  1. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الحديد - الآية 20

القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الحديد - الآية 20

والمعنى أن الحياة الدنيا كالزرع يعجب الناظرين إليه لخضرته بكثرة الأمطار، ثم لا يلبث أن يصير هشيما كأن لم يكن، وإذا أعجب الزراع فهو غاية ما يستحسن. وقد مضى معنى هذا المثل في يونس والكهف. وقيل: الكفار هنا الكافرون بالله عز وجل، لأنهم أشد إعجابا بزينة الدنيا من المؤمنين. وهذا قول حسن، فإن أصل الإعجاب لهم وفيهم، ومنهم يظهر ذلك، وهو التعظيم للدنيا وما فيها. وفي الموحدين من ذلك فروع تحدث من شهواتهم، وتتقلل عندهم وتدق إذا ذكروا الآخرة. وموضع الكاف رفع على الصفة. {ثم يهيج} أي يجف بعد خضرته {فتراه مصفرا} أي متغيرا عما كان عليه من النضرة. {ثم يكون حطاما} أي فتاتا وتبنا فيذهب بعد حسنه، كذلك دنيا الكافر. {وفي الآخرة عذاب شديد} أي للكافرين. والوقف عليه حسن، ويبتدئ {ومغفرة من الله ورضوان} أي للمؤمنين. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الحديد - الآية 20. وقال الفراء {وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة} تقديره إما عذاب شديد وإما مغفرة، فلا يوقف على {شديد}. {وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} هذا تأكيد ما سبق، أي تغر الكفار، فأما المؤمن فالدنيا له متاع بلاغ إلى الجنة. وقيل: العمل للحياة الدنيا متاع الغرور تزهيدا في العمل للدنيا، وترغيبا في العمل للآخرة. قوله تعالى {سابقوا إلى مغفرة من ربكم} أي سارعوا بالأعمال الصالحة التي توجب المغفرة لكم من ربكم.

ولأجل هذه الفطرة، جعل الله الآخرة أفضل وأدوم، وثقـَّل جزاءها، لتحويل الناس من تفضيل الدنيا إلى تفضيل الآخرة، ولإغرائهم بالسعي في الدنيا للآخرة. قال تعالى: (إنّ هؤلاءِ يُحبّونَ العاجلةَ ويذَرونَ وراءَهم يومًا ثقيلاً) الإنسان 27. الدنيا لعب ولهو! هل يعني أن علينا أن نلعب ونلهو في الحياة الدنيا؟ هل علينا أن نحذر من اللعب واللهو في الحياة الدنيا؟ يخطر في البال أن الدنيا ليست دار لعب ولهو، بل هي كما قال العلماء: دار عمل! والآخرة: دار جزاء. لو قيل: الآخرة لعب ولهو لأمكن فهم ذلك، لأنها دار جزاء واستمتاع بالطعام والشراب والجنس (لمن ذهب إلى الجنة طبعًا). هل هذه مقولة وصفية أم مقولة قيمية؟ هل هي وصف لواقع الناس، لما هم عليه، أم لما يجب أن يكونوا عليه؟ أقوال المفسرين: – لعب ولهو لقِصَر مدّتها. – متاع الحياة الدنيا لعب ولهو، أي: لا عاقبة له. – متاع قليل، وأجَل قصير. – أهلُ الحياةِ الدنيا أهلُ لعبٍ ولهو. – تزول عما قليل، عن قريب. – غالبُها كذلك. – معظم ما يحبّ الناس الحياة لأجله هو اللهو واللعب، لأنه هو الأغلب على أعمال الناس في أول العمر، والغالب عليهم بعد ذلك. – باطل وغرور، لا بقاء لها. – هذه حياة الكافر.