نصبر على الدنيا

إنه الصوم؛ حيث لا أحد يرانا ولا أحد يراقبنا، ولكننا مع الله فقط والله معنا يرانا ويسمعنا، نتحرز من قطرة من المياه أن تسقط في جوفنا ونحن نتوضأ، فنتعلم أن نراقب اطلاع الله على سرائرنا وضمائرنا وما تخفيه نفوسنا. وأما الصبر والإرادة، فنحن نتعلم في هذا الشهر أن نترك حاجاتنا الأساسية والطبيعية طاعة لله وامتثالًا لأمره، فنتعلم أن نصبر، ونتعلم الدرس الأعظم: إنما الدنيا صبر ساعة، فكما نقطع اليوم الطويل من الجوع والعطش ونحن نمني أنفسنا بساعة الإفطار، نقطع العمر الطويل القصير بكل ما فيه من كبدٍ ومشقة، وبكل ما فيه من فتن ومِحن، نمني أنفسنا بساعة الخروج من سجن الدنيا إلى النعيم الذي أعدَّه الله للمتقين، وهكذا تقطع الدنيا وهكذا نصبر عن فِتنها، ونصبر على محنها وشدائدها وآلامها. وأما الزهد، فإننا في رمضان نتعلم أن الأيسر هو حاجة الجسد، وأن الجسد يمكن أن يرضيه القليل، فلا نعيش حياتنا لأجل ذلك الجسد الترابي، وإنما نتعلم أننا يمكننا أن نتنعم حتى لو جاع الجسد، لكننا سنشقى لو جاعت الروح ومهما أشبعنا الجسد، نتعلم أن الدنيا رخيصة، وأن علينا أن نترك لنأخذ، وأن نُحرم لننعم، وأننا كما نقدر على أن نزهد في الحلال وهو أمامنا وبين أيدينا، فقدرتنا على الزهد في الحرام أولى وأقوى.
  1. نصبر على الدنيا السبع
  2. نصبر على الدنيا سكر

نصبر على الدنيا السبع

وأما التجارة الحقيقية مع الملك، فرمضان فرصة عظيمة لكسب الأجور، دقائقه ثمينة غالية، وفي كل وقت يُمكننا أن نغتنم غنيمة باردة، فمن ذكر لشكر، ومن صلاة لتلاوة، ومن صيام لقيام، ومن صدقة لإطعام، ومن إحسان للآخرين لصنائع المعروف، ومن عمرة لدعوة لاعتكاف، ففيه يتعاون الناس على الطاعة، وتبتهج النفوس بها، وفيه تضاعف أجور الأعمال اليسيرة لتكون أعظم أجرًا وأزكى أثرًا على النفوس، فيتسابق الناس في عمل الخير ومساعدة الغير. وفي كل ذلك يبقى شعار القلب المرفوع نطلب يا رب عتقك لنا من النار، نحاول أن ننجو من عذابك وأن نحصل على رضاك، فيا رب نوِّلنا ما نريد.. دروس فوق دروس: ليتنا لا نفارق رمضان قبل أن نتعلمها، ليت رمضان يبقى مدرسة لنا، فتصلح به دنيانا وأخرانا، ليتنا نستطيع أن نعقد مقارنة بين الدنيا والآخرة، فننصب سوق الآخرة أمام أعيننا، ونعرف قيمة الدنيا على حقيقتها، فنستثمر كنوز رمضان، لنجعل منه طريقًا موصلًا للسلعة الغالية، إنها الجنة. فالصوم إذن مدرسة القلوب، فإن كان الصيام يفعل كل ذلك في القلب، فهو يغسله ويطهره، وهو مطلب عظيم جدًّا، فالقلب هو محل نظر الله جل جلاله، وبه يتفاضل العباد أمام الله جل جلاله، وبه ينجو العباد يوم القيامة، قال تعالى في سورة الشعراء: ﴿ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89].

نصبر على الدنيا سكر

وأما الرحمة، فإن الصوم يرقِّق القلب ويرقي النفس، ويكسب الإنسان رهافة في الحس؛ فحين يجوع جسده ويصيبه الوهن لحرمانه من الطعام والشراب لعدة ساعات، يحس بحاجة إخوانه الفقراء الذين لا يجدون ما يسدون به رمقهم، أو يشبعون أطفالهم، أو يكسون أنفسهم، فيعطف عليهم ويبذل الخير، فيطعم الطعام ويعين المحتاجين، ويبذل لهم ما يحبه لنفسه من الطعام الطيب والشراب الهنيء والملبس الحسن. وأما التقوى، فهي الدرس الأعظم من الصيام؛ لقوله تعالى في ختام آية الأمر بالصوم: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ ، حين تترك الحلال الذي أحله الله لك خوفًا منه وابتغاء مرضاته، ستصون نفسك عن مواطن الزلل والفتن، لقد سيطرت على نفسك ومنعتها من الحلال، فكيف ستكون سيطرتك عليها في الحرام؟ إن الصوم يجعلنا أقوى على الشيطان، فيضيق عليه مجاريه، وأقدر على النفس فيهذبها ويؤدبها، وأكثر صمودًا أمام الفتن والشهوات البالية، فلقد تعلمنا الصبر عن الحلال، وسنصير عن الحرام أصبر بعون ربنا. وأما الافتقار والشكر، فأما الافتقار ، فالجوع الذي نشعر به، والحرمان الذي نحرمه من النعم وهي بين أيدينا وتحت تصرُّفنا، يشعرنا بالفاقة لله وأننا عبيده الضعفاء المحتاجين إليه، نتذكر ذلك اليوم الذي يطول فيه الجوع والعطش: ﴿ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المطففين: 6] خمسين ألف سنة ليس لحاجاتهم كاشف إلا الله.

ومن لامني ياحبيبي فيكـ غلطان لوني المفضل: White اشكرك على الحضور دمت بخير 09-03-2016, 11:51 AM # 4 بيانات اضافيه [ +] رقم العضوية: 6626 تاريخ التسجيل: Oct 2015 أخر زيارة: 11-04-2022 (03:22 AM) المشاركات: 14, 256 [ +] التقييم: 9186 الدولهـ الجنس ~ SMS ~ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ لوني المفضل: Crimson 09-03-2016, 11:16 PM # 5 بيانات اضافيه [ اميره اشكرك على الحضور توقيع: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ