ومما يتمشى مع تخصص الطرف السفلي أيضًا ما طرأ على الحَوْض من تغييرات (شكل ٢-١ و ٢-٢)، فهو في الإنسان أعرض وأوسع منه عند الجوريلا، مع أنها أكبر القردة العليا، وقد يبلغ حجمها ضعف حجم الجسم البشري، وازدياد عرض الحوض كان ضروريًّا لسببين: الأول لأنه أوفق لنقل ثِقْل الجسم إلى الفخذين بعد أن كمل اعتدال القامة، وثانيًا لأنه يهيئ مخرجًا مناسبًا لرأس الجنين البشري عند الولادة، إذ من المعروف أن رأس الجنين البشري أكبر مما يتسع له مخرج الحوض عند الجوريلا. هذا ما كان من شأن الطرف السفلي، أما الطرف العلوي وقد تحرر في الإنسان من وظيفتي حمل الجسم في الوقوف والمشي، فإنه ضَمَر نسبيًّا، ولكن الحركة في مفصل الكتف زادت، وانبسطت الأصابع فأصبحت صالحة للاستعمال في الأعمال الدقيقة بدلًا من قبضتها عند القردة العليا، حيث تستعمل كخُطَّاف للتأرجح على الأغصان، أو يعتمد عليها في الوقوف والمشي، ويُلاحظ بهذه المناسبة أن أصبع الإبهام قد ضَمَر إلى حدٍّ كبيرٍ في هذه القردة نظرًا؛ لعدم فائدته عند التدلي من غصون الأشجار (شكل ٢-٢).
فإذا نحن قارنَّا بين مخ الإنسان (شكل ٢-٧) ومخ القردة (شكل ٢-٨) من هذه الوجهة التشريحية الفسيولوجية، لوجدنا أن جميع مراكز الحس والحركة موجودة في مخ القردة كما هي في مخ الإنسان، ما عدا مركز الكلام طبعًا، ولوجدنا أن الأمر ليس كذلك فيما يتعلق بمناطق الربط، فهي عند القردة أقل رُقعةً بكثيرٍ منها عن الإنسان، وفعلًا ينسب أكثر التضخم في حجم الدماغ البشري إلى تضخم مناطق الربط بالذات. ولا يفوتنا هنا أن نذكر أن تموج سطح القشرة السِّنْجابية على سطح المخ هو الآخر تعبير عن زيادة كبيرة لا يكشف عنها حجم الدماغ ولا شكله العام، ولقد وُجد أن التموج على سطح المخ البشري أكثر تعقيدًا مما هو على سطح المخ عند القردة، ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد أن بعض الباحثين قد يستعين على معرفة حالة التموج على سطح القشرة السِّنْجابية بفحص داخل الجمجمة أو بفحص قالب مأخوذ عنه، ولكن هذه الطريقة غير مأمونة لقلة ما تكشف عنه، ولا يبررها أحيانًا إلا أن تكون الجمجمة لنوع منقرض لا سبيل إلى الحصول على مخه من جديد. ويستخلص من المقارنات التي قدمناها حتى الآن أن معظم الفروق البدنية بين الإنسان والقردة العليا يمكن نسبته إلى خاصتين أساسيتين، هما كمال اعتدال القامة وتضخم الدماغ عند الإنسان، وإلى عهد قريب كانت هاتان الخاصتان تُعتبران متلازمتين، لا يتمتع بهما أو بإحداهما كائن غير الإنسان، غير أنه عُثر في السنين الأخيرة على بقايا متحجرة لحيوان يشبه القردة، ثبت أنه كان يمشي معتدل القامة كالإنسان تمامًا، في حين أن حجم دماغه كان أقل من نصف حجم دماغ الإنسان، وسيكون هذا الحيوان العجيب موضوع الفصل التالي.
تستطيع القردة العليا الوقوف والمشي على قدمين، ولكن ليس كوقفة الإنسان ومشيته، إذ عندما يقف الإنسان (شكل ٢-١) يكون رأسه معتمدًا على قمة العمود الفِقْري، ويكون الظهر منتصبًا، ويكون كل من مفصلي الفخذ والركبة في حالة بسط تام، ويكون الفخذان مضمومتين بحيث تتلامس الركبتان أو تكادان، أي أن اعتدال القامة يبلغ حد الكمال في الإنسان. هذا بينما أنه عند وقوف القردة (شكل ٢-٢) يميل الرأس إلى أمام العمود الفِقْري، وينحني الظهر إلى الأمام، ويبقى مفصلا الفخذ والركبة دون البسط التام، وتكون الركبتان منفرجتين، أي أن اعتدال القامة في هذه القردة العليا لا يبلغ أبدًا أقصاه؛ ولذلك فهي لا تتخذ من الوقوف ولا من المشي على قدمين عادةً لها، وتلجأ غالبًا إلى الاعتماد في الحالين على أصابع اليدين.
الفحل العالمي دبليو اتش جستس! WH Justice - YouTube
إعلانات مشابهة
الرئيسية حراج السيارات أجهزة عقارات مواشي و حيوانات و طيور اثاث البحث خدمات أقسام أكثر... دخول T ttabr8705 قبل شهرين و اسبوعين الرياض مهره عمرها سنتين ونص ارتفاع 7بلكات لقاح +عسف للتواصل ( رقم الجوال يظهر في الخانة المخصصة) 88427842 كل الحراج مواشي وحيوانات وطيور خيل خيل مكس التواصل عبر الرسائل الخاصة بالموقع يحفظ الحقوق ويقلل الاحتيال. إعلانات مشابهة