كم عمر أحمد عمر هاشم

جرأته في السؤال؛ إذ كان يسأل الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما سنحت له الفرصة. [١٥] جهاد أبو هريرة لا شكَّ أنَّ أبا هريرة -رضي الله عنه- شهد وشارك مع رسول الله في غزواته مُنذ قدومه للمدينة بعد خيبر، وذلك لملازمته رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعدم مُفارقته إذ كان يقول -رضي الله عنه-: "قدمت ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخيبر سنة سبع، وأنا يومئذ قد زدت على الثلاثين سنة، سنوات، وأقمت معه حتى توفي، أدور معه في بيوت نسائه وأخدمه، وأنا والله يومئذ مقل، وأصلي خلفه، وأحج، وأغزو معه"، [١٦] ولأنَّ هجرته جاءت مُتأخرةً فلم يشهد غزوة بدر وأُحد والخندق ولكنَّه شهد ما بعدهم كفتح مكَّة وغزوة حُنين وتبوك ومؤتة. [١٧] وقد حرص أبو هريرة -رضي الله عنه- على مواصلة الجهاد في سبيل الله حتى بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ لم يترك الجهاد إقتداءً بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أنِّي أغْزُو في سَبيلِ اللهِ فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أغْزُو فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أغْزُو فَأُقْتَلُ)، [١٨] فشهد عدداً من المعارك في عهد الخلفاء الراشدين -رضوان الله عليهم- إذ شارك بحرب المرتدين في خلافة أبي بكر -رضي الله عنه- وشهد موقعة اليرموك في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وشهد غيرهم من الغزوات.

تعريف بأبي هريرة رضي الله عنه - موضوع

مناقبه: وجاء في ورعه ــ رضي الله عنه ــ أنه كان لا يحلي ابنته الذهب وكان يقول لابنته: يَا بُنَيَّة، لا أحَلِّيك الذهب، إني أخشى عليك اللهب، ومن أقواله ــ رضي الله عنه ــ أنه قال: لا تكونن أميرًا ولا جابيًا ولا عريفًا ولا نقيبًا. وعن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي صَلَّى الله عليه وسلم بثلاث لستُ بتاركهن حتى ألقاه: الوترَ قبل النوم، وصيام ثلاث من الشهر، والغسل يوم الجمعة، وقام ذات يوم على منبر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مقاما دون مقام رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بعَتَبَةٍ، ثم قال: الحمد لله الذي هَدَى أبا هريرة للإسلام، الحمد لله الذي عَلَّمَ أبا هريرة القرآن، الحمد لله الذي مَنَّ على أبي هريرة بمحمد صَلَّى الله عليه وسلم، الحمد لله الذي أطعمني الخَمِيرَ وألبسني الحَبِيرَ، الحمد لله الذي زوَّجني ابنَةَ غَزوان بعدما كنت أجيرًا لها بطعام بطني وعُقبة رِجْلي، أَرْحَلَتني فَأَرْحَلتُها كما أرحلتني.

عبد الرحمن بن صخر الدوسي

[١٢] وقد روى -رضي الله عنه- الكثير من الأحاديث التي تتعلَّق بالفقه والعقيدة وفضائل الأعمال وغيرها وكان ضابطاً مُتقناً لروايتها، فقد ورد في مسند أحمد أنَّه روى ثلاثة آلافٍ وثمانمئةٍ وثمانٍ وأربعين حديثاً، وقد ورد في موطأ الإمام مالك ألفان ومئتان وثمانية عشر حديثاً لأبي هريرة، وله في الصحيحين صحيح البخاري وصحيح مسلم ستمئةٍ وتسعة أحاديث، وأورد آخر في مسنده أكثر من خمسة آلاف حديثٍ بروايته -رضي الله عنه-. [١٣] وسبب تفرُّد أبي هريرة -رضي الله عنه- بكثرة حفظه لحديث رسول الله رغم قلَّة السنين التي عاشها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- عوامل عدَّةٌ، بيانها ما يأتي: [١٤] دعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- له بقوَّة الحفظ، وقد ورد أنَّ أبا هرير دعا الله قائلاً: "اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِثْلَ مَا سَأَلَكَ صَاحِبَايَ، وَأَسْأَلُكَ عِلْمًا لاَ يُنْسَى"، فأمَّن النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- على دُعائه. تخصيص وقتاً من يومه لمراجعة حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان يقول: "جزأتُ الليل ثلاثة أجزاء: ثلثًا أصلي، وثلثًا أنام، وثلثاً أذكر فيه حديث رسول الله صلّى اللهُ عليه وسلم". تعريف بأبي هريرة رضي الله عنه - موضوع. ملازمته لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعدم انشغاله عنه أبداً حتى بأدقِّ تفاصيل حياته، وعدم انشغاله -رضي الله عنه- بالدنيا أبداً.

[٥] وثبت أنَّه هاجر للمدينة المنوَّرة ليالي فتح خيبر ووصلها صباحاً وصلَّى الصبح فيها، ومن يومها لازم وصاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حلِّه وترحاله وفي ليله ونهاره لمدَّة أربع سنواتٍ حتى آخر حياته -صلى الله عليه وسلم- وقد حظيَ بشرف خِدمته وأخذ العلم الغزير عنه وكان يُحبُّ رسول الله حبّاً جماً فكرَّس حياته لحفظ سنَّته.