ص111 - كتاب الدرر الثرية من الفتاوى البازية - أسباب الخشوع في الصلاة - المكتبة الشاملة

الطمأنينة في الصلاة: وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطمئن في ركوعه وسجوده حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، وأمر من لم يحسن الصلاة بأن يطمئن في أفعال الصلاة كلها، ونهى عن السرعة وشبَّهَها بنقر الغراب. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته"، قالوا: يا رسول الله وكيف يسرق من صلاته؟ قال: "لا يتم ركوعها ولا سجودها" (أحمد 22642). فضل الخشوع في الصلاة والمرور بين. والذي لا يطمئن في صلاته لا يمكن أن يخشع؛ لأن السرعة تذهب بالخشوع، ونقر الغراب يذهب بالثواب. استحضار عظمة من سيقف بين يديه: فيتذكر عظمة الخالق وجلاله وضعف نفسه وذلها و نه سيقف بين يدي ربه يناجيه ويدعوه خضوعاً وذلاً وانكساراً، ويتذكر ما أعده الله في الآخرة للمؤمنين من الثواب وما أعده للمشركين من العقاب، ويتذكر موقفه بين يدي الله في الآخرة. فإذا استحضر المؤمن ذلك في صلاته كان كمن وصفهم الله في كتابه: من الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم، قال تعالى: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ • الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة: 45-46). فإذا استحضر المصلي أن الله سبحانه يسمعه ويعطيه ويجيبه حصل له الخشوع بقدر استحضاره.

  1. فضل الخشوع في الصلاه للشيخ محمد حسان
  2. فضل الخشوع في الصلاه عمرو خالد

فضل الخشوع في الصلاه للشيخ محمد حسان

الخشوع في الصلاة تعدّ الصلاة عامود الدين وقوامه، وكانت آخر وصايا الرسول صلى الله عليه لأمته عند خروجه من الدنيا هو الحث على الصلاة لأهميتها البالغة في الدين، فالصلاة صلةٌ بين العبد وربه، وفيها ينقطع الإنسان عن شواغل الدنيا، ويتجه بقلبه وعقله إلى الله تعالى، يستمد منه العون والسداد، ويطلب منه الثبات على الدين. فضل الخشوع في الصلاة. يختلف الناس في صلاتهم؛ فمنهم من تزيده الصلاة إقبالاً وحبًا لله، ومنهم من لا تؤثر فيه أبدًا بل يؤديها بحركات، وقراءة، وذكر، وتسبيح من دون استحضار ما يقوله، وبما أنّ الصلاة أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة؛ فإنّ أكثر ما يجب الحرص عليه عند أداء الصلاة هو الخشوع، فلا صلاة بلا خشوع. وقد جاء في الحديث الشريف عن أهمية الصلاة: [إنَّ أولَ ما يُحاسَبُ به العبدُ يومَ القِيامةِ من عَمَلِه صلاتُه، فإنْ صَلَحَتْ، فقد أفْلَحَ وأنْجَحَ، وإنْ فَسَدَتْ، فقد خاب وخَسِرَ، فإنِ انتَقَصَ من فريضتِه شيئًا، قال الرَّبُّ عزَّ وجلَّ: انْظُروا هلْ لعبدي مِن تطوُّعٍ؟ فيُكمَلُ منها ما انتَقَصَ من الفريضَةِ، ثم يكونُ سائِرُ أعمالِه على هذا]. [١] ومعنى الخشوع؛ خشوع القلب لله بالتعظيم، والإجلال، والإكبار، والمهابة، والوقار، فينكسر القلب لله كسرة مليئة بالوجل، والحب، والخجل، وتذكّر نعم الله تعالى وفضله فيخشع القلب لا محالة، ويتبع خشوع القلب خشوع الجوارح، وللخشوع أهمية كبيرة، لأنّه السبب الأول لقبول الصلاة التي هي أعظم وأهم أركان الإسلام، والخشوع يُسهّل على المسلم أداء الصلاة، ويُحببه بها ويُقربها إلى النفس فتكون سهلة خفيفة على الخاشعين، وثقيلة مُرهقة على غير الخاشعين، لترقب الخاشعين في الصلاة لثواب الله تعالى، وخشيتهم من عقابه.

فضل الخشوع في الصلاه عمرو خالد

انظروا كيفية صلاته: أول شيء يقول: أتهيأ لصلاتي، وأتوضأ، وآتي إلى مصلاي، ثم أقف بين يدي ربي فأتصور أن الكعبة أمامي، وأن الجنة عن يميني، وأن النار عن شمالي، وأن ملك الموت خلف ظهري -فقد تكون آخر صلاة أصليها- وأن الصراط تحت قدمي، ثم أكبر في تحقيق، وأقرأ في ترتيل، وأركع في خضوع، وأسجد في خشوع، وأتشهد في يقين، وأجلس في طمأنينة، ثم أسلم في رجاء -يعني: رجاء أن الله -عز وجل- يتقبل صلاتي- ولا أدري أقبلت صلاتي بعد هذا، أم رُدت عليَّ. هذا هو الخشوع، أن تستحضر عظمة الله، وتظن وأنت في الصلاة أنها آخر صلاة تؤديها. عباد الله: ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) [البقرة: 45 - 46].

منَ الأُمُور التي تُعين على الخُشُوع في الصلاة: أولًا: أنْ يَسْتَحْضِرَ المُسْلِمُ عَظَمَةَ البارِي سبحانه وتعالى، وأنه واقفٌ بين يَدَيْ جبارِ السماوات والأرض، قال تعالى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67]. ثانيًا: أن يَنظرَ المسلمُ إلى موضع السجود، ولا يَلتفتَ في صلاته؛ عن أبي ذر رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال اللهُ مُقْبِلًا على العبد في صلاته، ما لم يلتفت، فإذا صَرَفَ وَجْهَهُ، انصرف عنه)) [11]. ثالثًا: تدبُّر القُرْآنِ الكريم والأذكار التي يقولها في صلاته؛ قال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]. فإذا تدبَّر المسلمُ أذكارَ الركوعِ والسجود، وغيرَها منَ الأذكار، كان ذلك أوعَى للقلب، وأقربَ للخُشُوع. فضل الخشوع في الصلاه عمرو خالد. رابعًا: ذكْر الموتِ في الصلاة؛ عن أبي أيوب رضي الله عنه؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قُمْتَ في صلاتكَ، فصلِّ صلاةَ مُوَدِّع)) [12]. خامسًا: أن يُهَيِّئ المصلِّي نفسَه، فلا يُصلِّي وهو حاقِنٌ، ولا بحضْرة طعامٍ، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا صلاةَ بحضْرَةِ الطَّعامِ، ولا وهو يُدافعُه الأَخْبَثَانِ)) [13] ، وأن يُزيل كلَّ ما يَشغله في صلاته منَ الزخارف والصوَر ونحوها؛ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي في خَمِيصَةٍ ذاتِ أعلامٍ، فنظر إلى عَلَمِها، فلما قَضَى صلاته قال: ((اذهَبوا بهذه الخميصة إلى أبي جَهْمِ بنِ حذيفةَ، وائتوني بأَنْبِجَانِيِّه؛ فإنها أَلْهَتْنِي آنفًا في صَلاتي)) [14].