ان الله يهدي من يشاء

الإنسان يولد ضعيفاً عاجزاً كل العجز عن تدبير أموره بنفسه. يحتاج إلى من يطعمه ويوفّر له الدفء والرعاية بكل أشكالها لسنين كثيرة بعد ولادته. وخلال فترة نموّه، وحتى بلوغه مرحلة من العمر يستطيع عندها الاعتماد كلياً على نفسه ويستقل فيها عن أهله، يستمر أهله على الاهتمام به وتقديم ما هو أكثر أهمية له من الطعام واللباس، ألا وهو النصح والإرشاد. لا بل غالباً ما يستمر الأهل على إرشاد أبنائهم حتى بعد أن يكبروا ويصبحوا هم أنفسهم آباءً وأمهات. طبعاً، نحن نتحدث هنا عن أهل صالحين يحبون أولادهم ولا يرجون لهم إلا الخير، ومعظم الأهل هم بالتأكيد كذلك. ولأنّ هذا الأمر حقيقة لا يختلف فيها إثنان، فإنه لم يكن ليخطر بفكري أن أكتب عنه لو لم أجد نفسي مدفوعاً إلى ذلك دفعاً وأنا أقرأ بعض آياتٍ من القرآن تتحدث عن الهدى. تقول إحدى هذه الآيات، "إنّ الله يضلُّ من يشاء ويهدي من يشاء... ان الله يهدي من يشاء بغير حساب. " (1) توقفت عند هذه الآية متسائلاً وعاجزاً عن معرفة الحكمة وراءها: هذا الله الذي خلق الناس من نفسٍ واحدة كما تقول آية قرآنية أخرى "هو الذي أنشأكم من نفسٍ واحدةٍ... " (2) ، لماذا يميّز بين خلقه هذا التمييز الغريب فيضلّ بعضهم بينما يهدي البعض الآخر؟ أما ما يحيّر الألباب أكثر من ذلك، فهو حكمه على الذين يضلّهم بأن يبقوا كل حياتهم ضالين لا يجدون من يهديهم لأنه لا يسمح لأحد بأن يهديهم: "ومن يُضلل اللهُ فما له من هادٍ! "

  1. Annaqed - The Critic - الله يهدي من يشاء، ويضلّ من يشاء!

Annaqed - The Critic - الله يهدي من يشاء، ويضلّ من يشاء!

يناسب بحثنا رواية وردت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقد قال في طعم الإيمان: «ثلاثٌ مَن كنَّ فيه ذاق طعم الإيمان، مَن كان لا شيء أحبُّ إليه من الله ورسوله، ومَن كان لإنْ يُحرَق بالنار أحب إليه مِن أنْ يرتدَّ عَن دينه، ومن كان يحبُّ لله ويُبغض لله»(1). وجود هذه الثلاثة في الانسان يعني الالتفات والتوجّه الخالص لله لا للزوج والأولاد والأهواء والجيران والأصدقاء والمعارف، كما تعني اختيار الانسان الحرق بالنار فيما لو خُيِّر بينه وبين البقاء على دينه، كما تعني أن لا يعادي إلاَّ مَن أراد الله معاداته وان لا يحب إلاَّ من أحبه الله، أي أن علاقاته تبتني على حبّ الله وبغضه، عندئذ يذوق الانسان طعم الإيمان وحلاوته. وهناك رواية اُخرى يقول فيها الرسول (صلى الله عليه وآله): «مَن كَانَ أكثرُ همّه نيل الشهوات نزعَ من قلبه حلاوة الإيمان»(2).

هذا العجل صار يطلَع منه صوت كأنه ثور من البَقَر، يطلع منه صوت يخور يصيح فقال لهم هذا المفتون موسى السامري هذا إلهكم وإلهُ موسى إنّما موسى أضلَّ إلَههُ ما عرفَ مكانَ إلهه، قال عن موسى ابن عِمران ما عرف مكانه هذا إلهُكم فوافقوه كثيرٌ منهم فكفروا بالله مع أن زمانَهم وعهدَهم بتلك المعجزة العظيمة لم يكن بعيدا تجاوز موسى بهم البحر ثم قبل أن يصل بهم إلى برّ الشام تركهم في أرض وذَهب لميقات ربه فكفروا، رجعوا إلى مثل الكفر الذي كان فيه قومُ فرعون فتنهم هذا الخبيث موسى السامري مع أنهم قريبو عهد بتلك المعجزة الباهرة.