"البؤساء"... بين كتاب (1862) وفيلم (2019)، ليس في كل قصة بطل صرف وشرير صرف - رصيف 22

الممثل سمير قاسمي بدور الأب أحمد العامل في مقهى في حي الأوبرا بباريس "كلما عرف المشاهد أقلّ، انتبه أكثر لما يدور أمامه" فيلم "إبراهيم" فيلم متقشف في بنائه، حيث يفضّل إبراز المشاعر في بساطة مدهشة، ويستند في هذا على رهافة التعبير الصامت، ليأتي التفاعل مع الفيلم من الشخصيات لا من الأحداث، فعند كل موقف ناتج عن حدث ما، تعبّر الشخصيات عبر نظرات متهربة وضبط نفس وتعفف عن الكلام. هكذا تنتهي بأن تثير مشاعرنا أكثر، وتهزنا على نحو أعمق، إنه رهان استخدمه المخرج فـ"كلما عرف المشاهد أقلّ، انتبه أكثر لما يدور أمامه". السرد في فيلم "إبراهيم" مثير للعواطف، وذلك في اعتماده أيضا على تفاصيل دقيقة من الحياة اليومية من خلال الصورة، ودون غرق في التفسير والكلام، حيث يظهر حنان الأب واهتمامه بابنه، ليس فقط في نظراته بل في سلوكه، مثل إحضاره سلة الطعام لابنه وهو يتدرب على كرة القدم رغم غضبه منه. فيلم البؤساء الفرنسي مترجم. يتبدى قلقه على ابنه في أرق أصابه حين لم يعد للبيت، وهنا يكتفي المخرج بلقطة قصيرة لمنفضة السجائر ملأى في الصباح، لا كلام ولا مجادلة ولا تصوير للأب وهو يدور ويلف في عز الليل تعبيرا عن هواجسه، كلها وسائل بسيطة تعطي للصمت بلاغته وللموقف دلالته.

  1. الجزيرة الوثائقية | وراء كل صورة حكاية

الجزيرة الوثائقية | وراء كل صورة حكاية

يبدأ الفريق جولته في الضاحية حتى يتسنى لستيفان التعرف على المكان وباقي الشخصيات، فنتعرف على (العمدة) وهو زعيم عصابة يتاجر في المخدرات والدعارة ويفرض الإتاوات على سكان الضاحية، ثم نتعرف على جماعة الغجر التي تقيم سيركًا متنقلاً، وزعيمها (زورو)، وأخيرًا نتعرف على (صلاح) المجرم السابق الذي تحول لزعيم ديني يقود مجموعة من المسلمين يشار إليهم بالإخوان المسلمين. الجزيرة الوثائقية | وراء كل صورة حكاية. يسرق عيسى شبلاً من جماعة الغجر ، فتطلب العشيرة من عمدة الضاحية استعادة شبلها ومجازاة الفاعل، ثم يصل الأمر إلى الشرطة ورجالها الثلاثة. الوصول إلى السارق الصغير لن يكون سوى فاتحة انفجار غير معلوم النتيجة. الفيلم ليس اقتباسا" لتحفة فيكتور هوغو الأدبية ( البؤساء)،إنما هو تكريم للكاتب الكبير الذي كتب روايته العظيمة في ذات الحي الذي تدور فيه أحداث الفيلم،وإحالة إلى تكرار الوضع المزري الذي يعيشه هؤلاء البؤساء من المهاجرين غير الشرعيين ،بالرغم من مرور مئة عام ونيّف على صدور هذه الرواية. فيلم أكثر من رائع نال العديد من الجوائزمنها: جائزة لجنة التحكيم من مهرجان كان السينمائي لعام 2019 ،سيزار السينما الفرنسية لهذا العام لأفضل: فيلم،مونتاج،أمل واعد رجالي.

هكذا يُصنع العنف، وهكذا تقف الأمم عند الحدود الفاصلة في طريقها الحضاريّ، وهكذا تتشكل الأخلاق والحالات النفسيَّة العامَّة التي تسيطر على المجتمع كلَّه وهو ما يصوره بدَّقةٍ الفيلمُ الفرنسيُّ "البُؤساء" (2019) Les Misérables للمخرج لادج لي، وهو القصد الرئيس الذي صرَّح به صُنَّاع العمل؛ وبعدَهُ الفيلم يتضمَّن الكثير من الدلالات والمعاني الأخرى التي لا يستطيع أحدٌ تجاهُلها نُظِمَتْ في طيَّات فيلم سيستجلب احترامك. فيلم "البُؤساء" خو أول أفلام مُخرجه صاحب الأفلام الوثائقيَّة لادج لي؛ ويعد تطويرا لفيلمه البقصير الذي أخرجه عام 2017. وهو يبدأ بلحظة الانتصار التي حظي بها المجتمع الفرنسيّ عندما حصل فريقه لكرة القدم على بطولة "كأس العالَم" 2018. وفي لقطات تشبه اللقطات في الأفلام التسجيليَّة نرى كيف يلتقي الشعب ليجتمع سويًّا من كل الشوارع الضيقة إلى الميادين الفسيحة، وكيف يلتف بالعلم الفرنسيّ مَنْ هم من أصل عربيّ، ومَن هم من أصل إفريقيّ، مع مَن هم من أصل أوربيّ. نرى في لقطات ما قبل شارة الاسم ذلك الهياج الهستيريّ للجموع الغفيرة التي تكتظّ بها شوارع مدينة باريس، ومنطقة قوس النصر الشهيرة؛ مزيج غير عاديّ من الأعراق والأجناس والألوان لا يجمع بينهم إلا شعور الفرح الغامر بالنصر الكبير.