محمد عبدالكريم الخطابي

لم تكن قبيلة محمد عبدالكريم الخطابي مثل بقية شعب المغرب الذي اعتقد أن نهاية الحرب العالمية الأولى ستحل مشكلات الاستعمار بمبدأ حق تقرير المصير، وهذا ما حدث إذ أن فرنسا قررت حكم المغرب بالحديد والنار، بينما قامت إسبانيا بفرض نفوذها على شمال المغرب. الطريق إلى الثورة برعاية العائلة الخطابية عبدالكريم الخطابي بين نجليه أحمد ومحمد قرر عبدالكريم الخطابي الأب استدعاء ولديه من الخارج سنة 1919 وأعلنوا ضرورة محاربة الإستعمار أيًا كان مصدره ودولته. قررت الأسرة الخطابية إعلان التعبئة الدينية والسياسية في أهالي الريف والمغرب، وترأس عبدالكريم الخطابي الأب كتيبة عسكرية، وأعلنوا من منطقة وذيع قاعدة عسكرية لإنطلاق الثورة. اقرأ أيضًا موسيقى الغناوة.. المغرب يطالب فرنسا باستعادة أرشيف زعيم الثورة الريفية عبد الكريم الخطابي | القدس العربي. الصوفية تقود طريقا إلى الثورة في بلاد المغرب فشل الإسبان في استمالة كبير العائلة الخطابية لهم، حتى توفي في أغسطس سنة 1920 واجتمع زعماء بني ورياغل واتفقوا على تعيين محمد عبدالكريم الخطابي رئيسًا للقبيلة. انطلاق ثورة الريف محمد عبدالكريم الخطابي بدأت عملية التعبئة الجماهيرية للثورة في أواخر 1920 وشملت التعبئة إلقاء المحاضرات لتوحيد الأهالي فجعلها وحدة شعبية لا قبلية حيث قام بإصلاح الأحوال الداخلية للعشائر، ثم نجح في وضع التنظيم السياسي والعسكري لمواجهة الاستعمار.

المغرب يطالب فرنسا باستعادة أرشيف زعيم الثورة الريفية عبد الكريم الخطابي | القدس العربي

وبعد عشرين عاما وفي سنة 1947 تقرر نقله إلى فرنسا، وأثناء نقله توقفت الباخرة في ميناء بورسعيد المصري واستطاع بعض المغاربة زيارته، واقترحوا عليه طلب اللجوء السياسي من الملك فاروق الذي استجاب له رغم احتجاج السفير الفرنسي بمصر. بقي في مصر مع عمه عبد السلام وعائلاتهم حتى وفاته، وفي القاهرة استأنف المقاومة وساند -عبر راديو "صوت العرب"- الحركات التحررية في شمال أفريقيا وباقي الدول العربية والإسلامية. عبدالكريم الخطابي "شيخ مقاومي الاحتلال" في المغرب | اندبندنت عربية. وأسس عام 1947 مع ثلة من أبناء المغرب العربي لجنة "تحرير المغرب العربي" وتولى رئاستها، وتعرف على الإمام حسن البنا وعدد من رجالات مصر ورجال المقاومة من دول عربية وإسلامية. الوفاة توفي عبد الكريم الخطابي في الأول من رمضان 1382 للهجرة الموافق 6 فبراير/شباط 1963 بالقاهرة ودفن فيها في مقبرة الشهداء.

عبدالكريم الخطابي "شيخ مقاومي الاحتلال" في المغرب | اندبندنت عربية

مما يستقبلون جزاء ما اقترفوا، فقد سفكوا دم وليٍّ من أولياء الله، تُرى أين يكون الأولياء إن لم يكن منهم؟! بل في غُرَّتِهم حسن البنا، الذي لم يكن في المسلمين مثله ». وفاة عبد الكريم الخطابي ظلَّ الأمير عبد الكريم الخطابي مقيمًا في القاهرة، يُتابع نشاط المجاهدين من أبناء المغرب العربي المقيمين في القاهرة، ويمدُّهم بنصائحه وإرشاداته، حتى لقي رَبَّه في (غرة رمضان 1382هـ= 6 من فبراير 1963م). محمد عبدالكريم الخطابي (1 - 2) | قصة ثورة الريف التي أذلت الإسبان - الميزان. من أقوال عبد الكريم الخطابي قال عبد الكريم الخطابي: « إذا تناهى إلى أسماعكم أن الاستعمار أسرني أو قتلني أو بعثر جسمي كما يُبَعثر تراب هذه الأرض، فاعلموا أنني حيٌّ وسأعود من جهة الشرق ». وتروي ابنة المجاهد السيدة عائشة الخطابي كلمة عظيمة قالها والدها –رحمه الله- قبل تحقيق النصر في معركة أنوال الخالدة؛ قال عبد الكريم الخطابي: « أنا لا أُريد أن أكون أميرًا ولا حاكمًا، وإنما أُريد أن أكون حرًّا في بلدي، ولا أطيق مَنْ سلب حريتي أو كرامتي ». أمَّا بعد الانتصار، فقال في اجتماع مع رجال الريف الذين توافدوا عليه بأعداد غفيرة يُريدون إعلانه سلطانًا: « لا أُريدها سلطنة ولا إمارة ولا جمهورية ولا محمية، وإنما أُريدها عدالة اجتماعية، ونظامًا عادلًا يستمدُّ رُوحه من تراثنا ».

محمد عبدالكريم الخطابي (1 - 2) | قصة ثورة الريف التي أذلت الإسبان - الميزان

ما إن انتشر خبر انتصار الخطابي ورجاله في معركة أنوال، حتى هبَّت قبائل الريف تُطارد الإسبان أينما وُجدوا، ولم يمضِ أسبوعٌ إلَّا وقد انتصر الريف عليهم، وأصبح وجود الإسبان مقتصرًا على مدينة تطوان وبعض الحصون في منطقة الجبالة. من الثورة إلى بناء الدولة بسط الأمير عبد الكريم الخطابي سلطته على بلاد الريف بعد جلاء الإسبان عنها، واتَّجه إلى تأسيس دولة مُنَظَّمة دون أن يتنكَّر لسلطان مَرَّاكُش، أو يتطلَّع إلى عرشه؛ بدليل أنه منع أنصاره من الدعاء له في خطبة الجمعة. وأعلن الخطابي أن أهداف حكومته تتمثَّل في عدم الاعتراف بالحماية الفرنسية على المغرب، وجلاء الإسبان من المناطق التي احتلُّوها، وإقامة علاقة طَيِّبَة مع جميع الدول، والاستعانة بالخبراء الأوربيين في بناء الدولة، وقام بتحويل رجاله المقاتِلين إلى جيش نظامي على النسق الحديث، وعَمِل على تنظيم الإدارة المدنية، وقام بشقِّ الطرق، ومدِّ سلوك البرق والهاتف، وأرسل وفودًا إلى العواصم العربية للحصول على تأييدها، وطلب من بريطانيا وفرنسا والفاتيكان الاعتراف بدولته. وفوق ذلك كله دعا إلى وضع دستور تلتزم به الحكومة، وتمَّ تشكيل مجلس عامٍّ عُرف باسم الجمعية الوطنية، كان أوَّل قراراته إعلان الاستقلال الوطني، وتأسيس حكومة دستورية لقيادة البلاد.

وتم ترحيل الخطابي إلى مدينة فاس، ثم نُفي إلى جزيرة لاريينيون التي ظل فيها حتى عام 1947، وانتقل بعدها للعيش بمصر حتى وفاته عام 1963.