لا اقسم بهذا البلد المنشاوي

لَا أُقْسِمُ بِهَٰذَا الْبَلَدِ (1) سورة البلد مكية باتفاق. وهي عشرون آية بسم الله الرحمن الرحيم لا أقسم بهذا البلد يجوز أن تكون لا زائدة ، كما تقدم في لا أقسم بيوم القيامة قاله الأخفش. أي أقسم; لأنه قال: بهذا البلد وقد أقسم به في قوله: وهذا البلد الأمين فكيف يجحد القسم به وقد أقسم به. قال الشاعر: تذكرت ليلى فاعترتني صبابة وكاد صميم القلب لا يتقطع أي يتقطع ، ودخل حرف ( لا) صلة ومنه قوله تعالى: ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك بدليل قوله تعالى في ( ص): ما منعك أن تسجد. وقرأ الحسن والأعمش وابن كثير ( لأقسم) من غير ألف بعد اللام إثباتا. وأجاز الأخفش أيضا أن تكون بمعنى ( ألا). وقيل: ليست بنفي القسم ، وإنما هو كقول العرب: لا والله لا فعلت كذا ، ولا والله ما كان كذا ، ولا والله لأفعلن كذا. وقيل: هي نفي صحيح والمعنى: لا أقسم بهذا البلد إذا لم تكن فيه ، بعد خروجك منه. لا اقسم بهذا البلد - YouTube. حكاه مكي. ورواه ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: لا رد عليهم. وهذا اختيار ابن العربي; لأنه قال: وأما من قال إنها رد ، فهو قول ليس له رد; لأنه يصح به المعنى ، ويتمكن اللفظ والمراد. فهو رد لكلام من أنكر البعث ثم ابتدأ القسم. وقال القشيري: قوله لا رد لما توهم الإنسان المذكور في هذه السورة ، المغرور بالدنيا.

  1. لا أقسم بهذا البلد مكتوبة

لا أقسم بهذا البلد مكتوبة

ثم لفت تعالى نظرنا إلى ذلك النظام الذي بموجبه تتكاثر المخلوقات في هذا البلد فقال تعالى: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ}: فالله تعالى لم يخرج الخلق إلى هذا العالم دفعة واحدة بل جعل خروجهم متتابعاً متتالياً، وجعل لذلك قوانين ونُظماً، وجعل ذلك على كيفية تبيِّن معها الحكمة والقدرة والرحمة الإلۤهية، ليكون لهذا الإنسان من ذلك كله عبرة وآية، فلعله إذا هو فكَّر في ذلك بعض التفكير اهتدى إلى خالقه وعرف موجده ومربِّيه. وتشير آية: {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} إلى ناحيتين اثنتين: فكلمة (ووالد) تشير إلى الأبوين اللذين يتولَّد ويخرج منهما ولدهما، وكلمة (وما ولد) تشير إلى الولد كما تشير إلى النظام الذي بموجبه خرج من أبويه. لا أقسم بهذا البلد تفسير. وبالحقيقة ما من مخلوق حيّ إلا وله والدان ذكر وأنثى تولَّد منهما وخرج إلى هذا العالم بواسطتهما. فمن الذي خلق من كل شيء زوجين؟. من الذي جعل هذا ذكراً وهذه أنثى ثم جعل بينهما تعاطفاً وتآلفاً ومودّةً وتجاذباً؟. من الذي أوجد فيهما تلك الغرائز والخصائص وأودع فيهما ما أودع من رحمة وحنان وعواطف، فكان من أحدهما الوالدة وكان من الآخر الوالد؟.

وقال القشيري: قوله: لا، رد لما توهم الإنسان المذكور في هذه السورة، المغرور بالدنيا. أي ليس الأمر كما يحسبه، من أنه لن يقدر عليه أحد، ثم ابتدأ القسم. والبلد: هي مكة، أجمعوا عليه. أي أقسم بالبلد الحرام الذي أنت فيه، لكرامتك علي، وحبي لك. وقال الواسطي: أي نحلف لك بهذا البلد الذي شرفته بمكانك فيه حيا، وبركتك ميتا، يعني المدينة. لا اقسم بهذا البلد ترجمه. والأول أصح، لأن السورة نزلت بمكة باتفاق. اهـ. ونكتفي بجواب سؤالك الأول، ونرحب بباقي أسئلتك في رسالة أخرى، التزامًا بنظام الموقع من أن على السائل الاكتفاء بكتابة سؤال واحد فقط، وأن السؤال المتضمن عدة أسئلة يجاب السائل على الأول منها فحسب. والله أعلم.