وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ)... الآية. يقول: فهل عسيتم كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله, ألم يسفكوا الدم الحرام, وقطَّعوا الأرحام, وعَصَوا الرحمن. حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) قال: فعلوا. حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: أخبرنا محمد بن جعفر وسليمان بن بلال, قالا ثنا معاوية بن أبي المزرّد المديني, عن سعيد بن يسار, عن أبي هريرة, عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال: " خَلَقَ اللّهُ الخَلْقَ, فَلَمَّا فَرغ مِنْهُمْ تَعَلَّقَتِ الرَّحِمُ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ فَقالَ مَهْ: فَقالَتْ: هَذَا مَقامُ العائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ, قالَ: أَفمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ, وَأصِلَ مَنْ وَصَلَكِ؟ قالَتْ: نَعَمْ, قالَ: فَذلكِ لَكِ". قال سليمان في حديثه: قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) وقد تأوّله بعضهم: فهل عسيتم إن توليتم أمور الناس أن تفسدوا في الأرض بمعنى الولاية, وأجمعت القرّاء غير نافع على فتح السين من عَسَيتم, وكان نافع يكسرها عَسِيتم.
فبِناء على أن معنى تولَّيتم الولاية، قال أبو العالية: فهل عسيتم إن توليتم الحكم فجُعِلتم حُكَّامًا: أن تُفسدوا في الأرض بأخذ الرُّشا؟ [6]. وقال كعب الأحبار: فهل عسيتم إن توليتم الأمر أن يَقتُل بعضُكم بعضًا؟ [7]. وقال الكلبي: فهل عسيتم إن توليتم أمر الأمة أن تُفسدوا في الأرض بالظُّلم؟ [8]. وقال المسيب بن شريك والفراء: فهل عسيتم إن توليتم أمر الناس أن تفسدوا في الأرض بالظلم [9]. وقال الضحاك: نزلت في الأمراء، فهل عسيتم إن توليتم أمر الناس أن تفسدوا في الأرض؟ [10]. وبناء على المعنى الثاني، قال ابن جريج: فهل عسيتم إن توليتم عن الطاعة أن تفسدوا في الأرض بالمعاصي وقطع الأرحام؟ [11]. وقال قتادة: فهل عسيتم إن توليتم عن كتاب الله أن تفسدوا في الأرض بسفك الدماء الحرام ، وتقطعوا أرحامكم؟ [12]. وفي رواية: فهل عسيتم كيف رأيتم القوم حين تولَّوا عن كتاب الله، ألم يسفكوا الدم الحرام، وقطعوا الأرحام، وعصوا الرحمن؟ [13]. قال ابن عاشور رحمه الله مُعلِّقًا ومُرجِّحًا: فالتولِّي هنا هو الرجوع عن الوجهة التي خرجوا لها كما في قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 246]، وقوله: ﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ﴾ [النجم: 33]، وبمثله فسر ابن جريج وقتادة على تفاوتٍ بين التفاسير، ومن المفسِّرين من حمل التولِّيَ على أنه مطاوع وَلَّاه إذا أعطاه ولايةً؛ أي: ولاية الحكم والإمارة على الناس، وبه فسر أبو العالية والكلبي وكعب الأحبار، وهذا بعيد من اللفظ ومن النَّظْم، وفيه تفكيك لاتصال نظم الكلام، وانتقال بدون مناسبة [14].
فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم (22) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم (23) محمد
وإذا كان كذلك فجار الله غير مخذول وعهده غير منقوض ، ولذلك قال مخاطبا للرحم: ( أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك). وهذا كما قال - عليه السلام -: ومن صلى الصبح فهو في ذمة الله تعالى فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فإنه من يطلبه بذمته بشيء يدركه ثم يكبه في النار على وجهه.
- إنَّ اللهَ تعالى خَلق الخلقَ ، حتَّى إذا فرغَ مِن خلْقِه قامتِ الرَّحِمُ ، فقال: مَهْ ؟ قالَت: هذا مَقامُ العائذِ بكَ من القَطيعةِ ، قال: نَعم، أمَا ترضَيْنَ أن أصلَ من وصلَكِ ، وأقطعَ مَن قطعَكِ ؟ قالَت ؟ بلَى يا ربِّ! قال فذلكَ لكِ. الراوي: أبو هريرة | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم: 1761 | خلاصة حكم المحدث: صحيح خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ منه قامَتِ الرَّحِمُ، فأخَذَتْ بحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فقالَ له: مَهْ، قالَتْ: هذا مَقامُ العائِذِ بكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ: ألا تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ، قالَتْ: بَلَى يا رَبِّ، قالَ: فَذاكِ. قالَ أبو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]. [وفي رواية]: قالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: واقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ}. أبو هريرة | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 4830 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح] التخريج: أخرجه البخاري (4830)، ومسلم (2554) الأرحامُ: همْ أقاربُ الإنسانِ، وكلُّ مَن يَربِطُهم رابطُ نسَبٍ، سَواءٌ أكان وارثًا لهمْ أو غيرَ وارثٍ، وتَتأكَّدُ الصِّلةُ به كُلَّما كان أقرَبَ إليه نَسَبًا.
الرسم العثماني فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوٓا أَرْحَامَكُمْ الـرسـم الإمـلائـي فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ اِنۡ تَوَلَّيۡتُمۡ اَنۡ تُفۡسِدُوۡا فِى الۡاَرۡضِ وَتُقَطِّعُوۡۤا اَرۡحَامَكُمۡ تفسير ميسر: فلعلكم إن أعرضتم عن كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن تعصوا الله في الأرض، فتكفروا به وتسفكوا الدماء وتُقَطِّعوا أرحامكم. القرآن الكريم - محمد 47: 22 Muhammad 47: 22