وأمر نور الدين زنكي ببناء سور حول القبور الشريفة بسور رصاصي متين حتى لا يجرأ أحد على استخدام هذا الأسلوب.
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى » [1]. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: « صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام » (متفق عليه) [2]. قبر الرسول صلي الله عليه وسلم في الوورد. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: « زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة » [3]. وكان عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: « السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين » [4]. وهذه الزيارة خاصة بالرجال أما النساء فلا تجوز لهن زيارة القبور؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، ويدخل في ذلك قبره صلى الله عليه وسلم وغيره، لكن يشرع للرجال والنساء جميعاً الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مكان لعموم قول الله سبحانه: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: « من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشراً » [5].
متفق عليهما. وقال ـ أيضاً ـ صلى الله عليه وسلم: تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة. رواه الترمذي وصححه الألباني. والدليل على عدم وجوبها هو عدم الدليل، فهذه الأحاديث وغيرها تدل على الاستحباب والحكم بالوجوب يفتقر إلى دليل، ولم نجد أحداً من أهل العلم حكم بوجوب ذلك، وجاء في الموسوعة الفقهية: يندب إزالة الأشياء المؤذية للمسلمين أينما وجدت، فقد اعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم إماطة الأذى عن الطريق من الإيمان بقوله: الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. انتهى. والله أعلم.
تاريخ النشر: الإثنين 18 ربيع الأول 1432 هـ - 21-2-2011 م التقييم: رقم الفتوى: 150075 92088 0 334 السؤال هل إماطة الأذى عن الطريق فرض أم سنة مع ذكر الدليل؟. الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإماطة الأذى عن الطريق سنة مستحبة لا واجبة من حيث الأصل، ولكن قد تصير واجبة في بعض الأحوال، جاء في طرح التثريب: المراد بإماطة الأذى عن الطريق إزالة ما يؤذي المارة من مجرد شوك وكذا قطع الأشجار من الأماكن الوعرة، ومن ذلك ما يرتفع إلى درجة الوجوب كالبئر التي في وسط الطريق ويخشى أن يسقط فيها الأعمى والصغير والدابة، فإنه يجب طمسها، أو التحوط عليها وإن لم يضر ذلك بالمارة. انتهى. وقد دل على استحبابها جملة من الأحاديث النبوية، منها: قول النبي صلى الله عليه وسلم: الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. وقوله صلى الله عليه وسلم: كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس، تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة.
قال النووي -رحمه الله- عن إماطة الأذى: " أَيْ: تَنْحِيَتُهُ وَإِبْعَادُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْأَذَى كُلُّ مَا يُؤْذِي مِنْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ شَوْكٍ أَوْ غَيْرِهِ "( شرح النووي على مسلم (2/ 6)). انتهى، وكذلك فإنَّ إماطة الأذى عن الطريق صدقة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: " وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ " (أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب من أخذ بالركاب ونحوه برقم (2989) ومسلم في كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف برقم (1009)). معاشرَ المسلمين: ومن الأذى في الطريق أن يسقط فيه شيء من الأغراض المحمولة في السيارة؛ مما يكون فيه إيذاء، والأدهى أن يترك ذلك الغرضَ لا ينحيِّه عن الطريق، فتجدون من الناس مَنْ لا يُحسن ربطَ ما يحمله من أغراض في سيارته، فيسقط شيء منها، يؤذي مَنْ خلفَه، وقد يتسبب في حادث، والواجب على سالِك الطريق الالتزامُ بأنظمة المرور، وأن يحرص أشدَّ الحرص على تثبيت أغراضه ومتاعه تثبيتا متقنًا، وإذا سقط شيء منها نحَّاه في الحال. معاشر المسلمين: إنَّ تعمُّد الأذى من الأخلاق السيئة، وهو من أسباب سخط الله -تعالى-، وكذلك فإنَّ المؤذي يُبغضه الناس ويكرهونه وينبذونه؛ لإيذائه لهم، وقد يسبب العداوة والبغضاء والتفرق والشحناء.
ملخص المقال إماطة الأذى عن الطريق مقال للدكتور راغب السرجاني يتحدث فيه عن عناية الإسلام بإماطة الأذى عن الطريق وتطهير الأرض كما يبين أن إماطة الأذى علامة من علامات بلغت العناية الإسلامية بأمر تطهير الأرض ونظافتها أن كانت الأعمال الصغيرة في هذا الباب -تلك التي لم تلتفت لها حضارة ولا فلسفة ولا منهج من قبل- قد بلغت أن تصبح جزءًا من قضية المسلم الكبرى؛ ألا وهي قضية الإيمان. فلقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنَّ إماطة الأذى عن الطريق جزءٌ من الإيمان؛ فقال صلى الله عليه وسلم: " الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً ؛ فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ " [1]. وإماطة الأذى عن الطريق تعني تنحية وإبعاد كلِّ ما يُؤْذِي؛ من حجرٍ أو شوكٍ أو غيره، والعموم في قوله صلى الله عليه وسلم: " الأَذَى " لا ريب يدخل فيه كلُّ ما تمَّ اكتشاف خطورته أو ضرره على الصحة العامة. أجر مَن يُميط الأذى عن الطريق وإماطة الأذى تساوي أجر صدقة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "... يُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ " [2].
نوع من أنواع الصدقة وذلك في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه شمس تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمل عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة). الحماية من الأمراض فإزالة القمامة والقاذورات من الشوارع تكون سبباً في حماية المارة من الأمراض التي تنمو وتعيش فيها. زيادة الترابط الاجتماعي وذلك من خلال تعاون المواطنين ومشاركتهم لعمال النظافة في نظافة شوارعهم والحفاظ عليها، فتقع المسؤولية عليهم جميعاً مما يزيد من الترابط الاجتماعي فيما بينهم. المظهر الحضاري إماطة الأذى هو أحد السلوكيات المتحضرة التي تعطي مظهراً حضارياً للمجتمع وللمكان الذي يعيشون فيه. الحد من الحوادث وذلك من خلال الالتزام بنظم المرور حرصاً على سلامة المارة، فتقل نسبة الحوادث.
[16] مسلم: كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا... (1298). [17] أبو داود: كتاب الصلاة، باب اتخاذ المساجد في الدور (456)، وأحمد (20196) واللفظ له، والترمذي (594)، وابن ماجه (759)، وابن حبان (1634) وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح على شرط البخاري. [18] أبو داود: كتاب الطهارة، باب في البول في المستحم (27)، والنسائي (36)، وابن ماجه (304)، وأحمد (20588)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7597)، ورواه البخاري ومسلم بلفظ: " لا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ... ".
قالوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ " [9]. فالذي يقضي حاجته في أماكن يمرُّ بها الناس أو يجلسون فيها يجلب لنفسه اللعن، "قال الإمام أبو سليمان الخطابي: المراد باللاعنيْن الأمريْن الجالبيْن للَّعْن، الحامليْن الناس عليه، والداعييْن إليه" [10]. فإذا كان المكان أشدَّ خصوصية كالمسجد كان الاهتمام به أكبر، إلى حدٍّ قال فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " الْبُزَاقُ [11] فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا " [12]. وحين جاء أعرابي جاهل فبال في مسجد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: " دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ " [13]. فإنَّ رحمته بجهل الرجل تبعها اهتمامه ومسارعته صلى الله عليه وسلم بتنظيف ما أصابه البول. وقد كان اليهود لا يُنظفون ديارهم، فأوصى النبي صلى الله عليه وسلم صحابته رضي الله عنهم قائلًا: " طَهِّرُوا أَفْنِيَتَكُمْ ؛ فَإَنَّ الْيَهُودَ لاَ تُطَهِّرُ أَفْنِيَتَهَا " [14].