ولقد اتينا داود وسليمان علما

سورة النمل الآية رقم 15: قراءة و استماع قراءة و استماع الآية 15 من سورة النمل مكتوبة - عدد الآيات 93 - An-Naml - الصفحة 378 - الجزء 19. ﴿ وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا دَاوُۥدَ وَسُلَيۡمَٰنَ عِلۡمٗاۖ وَقَالَا ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّنۡ عِبَادِهِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ﴾ [ النمل: 15] Your browser does not support the audio element. ﴿ ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين ﴾ قراءة سورة النمل

إسلام ويب - تفسير الجلالين - سورة النمل - تفسير قوله تعالى ولقد آتينا داوود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين- الجزء رقم1

وجعلا تفضيلهما على كثير من المؤمنين دون جميع المؤمنين; أما لأنهما أرادا بالعباد المؤمنين كل من ثبت له هذا الوصف من الماضين وفيهم موسى وهارون ، وكثير من الأفضل والمساوي ، وإما لأنهما اقتصدا في العبارة إذ لم يحيطا بمن ناله التفضيل ، وإما لأنهما أرادا بالعباد أهل عصرهما فعبرا ب ( كثير من عباده) تواضعا لله. ثم إن كان قولهما هذا جهرا وهو الظاهر كان حجة على أنه يجوز للعالم أن يذكر مرتبته في العلم لفوائد شرعية ترجع إلى أن يحذر الناس من الاغترار بمن ليست له أهلية من أهل الدعوى الكاذبة والجعجعة الجالبة ، وهذا حكم يستنبط من الآية; لأن شرع من قبلنا شرع لنا ، وإن قالاه في سرهما لم يكن فيه هذه الحجة.

إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة النمل - قوله تعالى ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين - الجزء رقم21

وهكذا كانا يتحدثان بحمد الله {وَقَالاَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} فله الفضل ـ وحده ـ على ما أعطانا من علمٍ، وما مكننا به من قوّة، وما سهل لنا من موقع متقدم في حياة الناس، والثناء يكون له لا للذات، فمنه كل شيء، وإليه يرجع الحمد في كل شيء. {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} كما يرث الابن أباه، في ملكه وماله، وكما يرث الأشخاص الموقع والدرجة، وكما يرث الأنبياء الرسالة ممّن تقدمهم، لا بمعنى الإرث المادي، لأن الله هو الذي يعطي الرسالة والموقع والدرجة العليا، للمتأخر من الأنبياء، وليس هو النبي المتقدم، بل هو بمعنى الامتداد الذي يجعل من كل واحدٍ مرحلةً متصلةً بالمرحلة السابقة في ما هو امتداد حركة النبوة في الحياة. وهكذا أخذ سليمان موقع أبيه، وأراد أن يعلن القوّة التي يملكها في مواقع المعرفة، ليعرف الناس من قوَّته الجانب الذي يربطهم به، ليزدادوا التصاقاً بشخصيته واتِّباعاً لرسالته {وَقَالَ ياأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ} فكان لنا من ذلك ما نستطيع أن نتعرفه من حديثهم مع بعضهم البعض بطريقةٍ تفصيلية واضحةٍ، وما نستطيع أن نتحدث به معهم في ما نثيره من حديث، وفي ما نكلفهم به من مهمّاتٍ بشكل مباشرٍ، تماماً كما يكلِّف بعضهم بعضاً في قضاياهم التي تهمهم في مجتمعهم الواسع.

القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النمل - الآية 15

* * * معاني المفردات {يُوزَعُونَ}: الوازع: المانع، ويوزعون: يُمنَعون من الفوضى ويسيرون سيراً منظماً. {أَوْزِعْنِي}: ألهمني. مع داود وسليمان في خط الرسالة وهذا حديثٌ عن داود وسليمان في بعض ملامح شخصيتهما في ما يملكانه من علم وفضل وما حدث لهما من بعض القصص العجيبة التي يتصل بعضها بالغيب، ويدل بعضها على القوّة في الموقف المسيطر في دين الله على المواقع المتنوعة الأخرى، وعلى الاتصال الدائم بالله في استشعار اللطف الإلهي من خلال النعمة في حياتهما وحياة الناس والشكر العملي وغير ذلك مما قد نحتاجه في منهج التربية وفي روحية الحركة والإحساس والحياة. علم داود وسليمان {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً} مما ألهمهما الله منه، وحصلا عليه من حركة الفكر والتجربة. ولكن هذا العلم الواسع الذي امتدّ حتى تجاوز المألوف مما يملك الناس من علمٍ ومعرفة، لم يتحوّل لديهما إلى عقدةٍ، حيث إنهما لم يختزنا في شخصيتهما ما يختزنه البعض من الشعور بالعظمة والفوقية، بل كانا يعيشان شعور أهل اليقين الذين يرون كل نعمة هي من الله، فهو الواهب وهو المنعم، وبالتالي ما تحدثا به، فإنما يتحدثان بنعمة الله وفضله، ليجعلا من ذلك وسيلةً للشكر، لا أداةً للتكبر والخيلاء.

من الآية 15 الى الآية 19

وليس من الضروري أن يكون لكل هذه الأصناف عقلٌ وإرادةٌ بالمستوى الذي يملكون معه التصرف على أساس المسؤولية، كما قد يحتمله بعض المفسرين، حيث اعتبر أن للطير في زمان سليمان عقلاً بقدرة الله، دون زماننا، لأن مسألة الجندية يكفي فيها وجود بعض الخصوصيات والقدرة التي يملك القائد تحريكها في مهمّاته، مما يملكه الطير بحسب طبيعته في كل زمانٍ ومكانٍ، مما أعده الله له، وألهمه هداه في شؤون الحياة، وهكذا اجتمع له هؤلاء في مهمّة محددةٍ يتحركون نحوها إلى هدف لم يحدثنا القرآن عن تفصيله. {حَتَّى إِذَآ أَتَوا عَلَى وَادِي النَّمْلِ} وهو من المناطق التي يتكاثر فيها النمل بشكل كثيف كما توحي به الكلمة في نسبة الوادي إلى النمل، {قَالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِّمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} عندما يسيرون في هذا الحشد الكبير، فيطأونكم بأقدامهم وهم غافلون أو عارفون. وهذا ما يوحي بأن لمجتمع النمل قيادةً تدير شؤونهم وتتولى تحذيرهم من الأخطار القادمة إليهم، سواء كان ذلك بطريقةٍ غريزيةٍ أو بطريقةٍ واعيةٍ، مما لا نملك معرفته بتفاصيله الدقيقة، ولكن الآية توحي بشيء من هذا القبيل.

كما أن عليه أن يبتهل إلى الله تعالى في أن يوفقه للقيام بالعمل الصالح لتكون حياته مثالاً للصلاح في كل مفرداتها وتطلعاتها إلى النمو والسموّ والتقدم والتقرب إلى الله، وأن يدخله في المجتمع الصالح، فلا يكون مجرد فردٍ يعيش روحية الصلاح في نفسه وحركيته في عمله، بل يكون جزءاً من المجتمع الصالح الذي يتفاعل معه ويتحرك في ساحاته ويعيش تفاصيله وينتهي معه في مصيره. ولعلنا نستوحي من ذلك أن الإنسان المسلم يظل مشدوداً إلى المجتمع الصالح ليعمل من أجل تكوينه ويقوى به ويقوّيه.