سورة المدثر - تفسير تفسير الشعراوي|نداء الإيمان

فيما يلي تفسير وشرح ودروس سورة المدثر 1: 30 ضمن سلسلة تدبر القرآن الكريم التي كتبها أحمد السيد، والتي تتضمن دروساً وفوائد من الآيات مع واجبات ووصايا نهاية السورة.

تفسير سورة المدثر ابن كثير

74 - سورة المدثر - مكية - عدد آياتها 56 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) يا أيها المتغطي بثيابه, قم مِن مضجعك, فحذِّر الناس من عذاب الله, وخُصَّ ربك وحده بالتعظيم والتوحيد والعبادة, وَطَهِّر ثيابك من النجاسات؛ فإن طهارة الظاهر من تمام طهارة الباطن, ودُمْ على هَجْر الأصنام والأوثان وأعمال الشرك كلها, فلا تقربها, ولا تُعط العطيَّة؛ كي تلتمس أكثر منها, ولمرضاة ربك فاصبر على الأوامر والنواهي. فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10) فإذا نُفخ في "القرن" نفخة البعث والنشور, فذلك الوقت يومئذ شديد على الكافرين, غير سهل أن يخلصوا مما هم فيه من مناقشة الحساب وغيره من الأهوال. ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً (12) وَبَنِينَ شُهُوداً (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيداً (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (17) دعني -أيها الرسول- أنا والذي خلقته في بطن أمه وحيدًا فريدًا لا مال له ولا ولد, وجعلت له مالا مبسوطًا واسعًا وأولادًا حضورًا معه في "مكة" لا يغيبون عنه، ويسَّرت له سبل العيش تيسيرًا, ثم يأمُل بعد هذا العطاء أن أزيد له في ماله وولده, وقد كفر بي.

وفيه نزل قوله تعالى: "ذرني ومن خلقت وحيداً …". وقيل إنه أيضاً الذي نزل فيه: "ولا تطع كل حلاف مهين" في سورة القلم. كانت قريش قد اجتمعت لتنظيم حرب إعلامية لتشويه دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم قبل بدء موسم الحج، وقاد الاجتماع الوليد بن المغيرة، فقال: يا معشر قريش إنه قد حضر الموسم، وإن وفود العرب ستقدم عليكم، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأياً واحداً، ولا تختلفوا، فيكذب بعضكم بعضاً، ويرد قولكم بعضه بعضاً. فقالوا: فأنت أبا عبد شمس! فقلْ، وأقِمْ لنا رأياً نقول به. قال: بل أنتم فقولوا أسمع. فقالوا: نقول: كاهنٌ. فقال: ما هو بكاهن، لقد رأيت الكُهَّانَ، فما هو بزمزمة الكاهن، ولا سَجْعه. سورة المدثر - تفسير تفسير الشعراوي|نداء الإيمان. فقالوا: نقول: مجنونٌ. فقال: ما هو بمجنونٍ، لقد رأينا الجنونَ، وعرفناه، فما هو بخَنْقِه، ولا تَخالُجِه، ولا وَسْوَسَتِه. فقالوا: نقول: شاعرٌ. فقال: ما هو بشاعرٍ، قد عرفنا الشِّعر برجزه، وقريضه، ومقبوضة، ومبسوطة، فما هو بالشِّعر. قالوا: فنقول ساحرٌ. قال: ما هو ساحر، لقد رأينا السُّحَّار، فما هو بِنَفْثِهِمْ، ولا عَقْدِهِمْ. قالوا: فما نقول يا أبا عبد شمس؟ قال: والله! إنَّ لقوله لحلاوةً، وإن أصله لعَذقٌ( نخلة) ، وإن فرعه لجناة( ما يجنى من الثمر)، وما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عُرِف أنه باطل، وإن أقرب القول لأن تقولوا: ساحر، فقولوا: ساحر يفرق بين المرء وبين أبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجه، وبين المرء وعشيرته.