تاريخ النشر: ٠٢ / محرّم / ١٤٣٠ مرات الإستماع: 2330 لا حسد إلا في اثنتين ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: ففي باب فضل الغنيّ الشاكر أورد المصنف -رحمه الله-: حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها [1] ، متفق عليه. وقد مضى الكلام على هذا الحديث في باب الكرم والجود، وعرفنا أن المراد بقوله ﷺ: لا حسد إلا في اثنتين ، يعني: الغبطة، وليس الحسد المذموم الذي يكون بمعنى تمني زوال النعمة عمن حصلت له. لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ، بمعنى: أنه أنفقه في وجوه البر، والنفع، وما يكون فيه مرضاة لله ، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها ، يعني: العلم، وبعضهم فسره بالقرآن، والمعنى متقارب. ثم ذكر حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما عن النبي ﷺ قال: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار.. [2]. لا حسد الا في اثنتين | مجلس الخلاقي. الذين فسروا الحكمة هناك بالقرآن فسروها بهذا الحديث، آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار.
مصدر الشرح: تحميل التصميم
في الحديثِ: النَّهي عن الحسَدِ المذموم. وفيه: أنَّ الغنيَّ إذا قام بشرطِ المالِ، وفعَل فيه ما يُرضي اللهَ، كان أفضلَ مِن الفقيرِ. وفيه: المنافسةُ في الخيرِ، والحضُّ عليه. وفيه: فضلُ الصَّدقةِ والكَفافِ. وفيه: فضلُ العلمِ وفضلُ تعلُّمِه. وفيه: فضلُ القولِ بالحقِّ. الدرر السنية
"الدُّثور": الأموال الكثيرة، والله أعلم.
هذا الحديث نص صريح في المعنى الذي أورده المصنف -رحمه الله- من أجله في هذا الباب، وذلك أن هؤلاء الأغنياء جاءت صفتهم التي أقرها النبي ﷺ قال: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق. فهؤلاء جمعوا بين العبادات البدنية، والعبادات المالية، فلم يكن ذلك الغنى سبباً لتضييع حدود الله والغفلة عن عبادته وطاعته، فهم يصلون كما يصلي الفقراء، ويصومون كما يصوم الفقراء، ولكنهم يزيدون على غيرهم بعبادة مالية، وهي أنهم يتصدقون، ويعتقون، وينفقون هذا المال في وجوه البر، فهذا حالهم، فهؤلاء من الشاكرين، هذا هو الغني الشاكر. وهذا الحديث أيضاً يصلح في الباب الذي قبله، وهو التنافس في البر والتقوى، فهم يتنافسون، الفقراء يجتهدون في طاعة الله، وطاعة رسوله ﷺ فإذا رأوا أحداً يتقدم عليهم، أو يفضلهم في عمل فإن ذلك يحركهم إلى المزيد من العمل الصالح، والجد والاجتهاد، فبينهم منافسة، أما نحن فبماذا نتنافس أيها الأحبة؟ بماذا نتغابط؟ التنافس الذي يحصل بل الحسد الذي يحصل بين الناس إنما هو في عرض الدنيا فلان عنده كذا، وأنا عندي كذا، فلان حصّل كذا، وأنا عندي كذا، فلان يركب كذا، وأنا أركب كذا، فهذا الذي توجهت إليه أنظار الناس، وتعلقت به قلوبهم إلا من رحم الله -تبارك وتعالى، أما أصحاب النبي ﷺ فكان شأنهم يختلف عن ذلك.