تفسير قوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة...}

فلما أصبح أهل المدينة جاء بنو أخي الشيخ ، فقالوا: عمنا قتل على باب مدينتكم ، فوالله لتغرمن لنا دية عمنا. قال أهل المدينة: نقسم بالله ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ولا فتحنا باب مدينتنا منذ أغلق حتى أصبحنا. وإنهم عمدوا إلى موسى ، عليه السلام ، فلما أتوه قال بنو أخي الشيخ: عمنا وجدناه مقتولا على باب مدينتهم. البقرة الآية ٦٧Al-Baqarah:67 | 2:67 - Quran O. وقال أهل المدينة: نقسم بالله ما قتلناه ولا فتحنا باب المدينة من حين أغلقناه حتى أصبحنا ، وإنه جبريل جاء بأمر السميع العليم إلى موسى ، عليه السلام ، فقال: قل لهم: ( إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) فتضربوه ببعضها. وقال السدي: ( وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) قال: كان رجل من بني إسرائيل مكثرا من المال وكانت له ابنة ، وكان له ابن أخ محتاج ، فخطب إليه ابن أخيه ابنته ، فأبى أن يزوجه ، فغضب الفتى ، وقال: والله لأقتلن عمي ، ولآخذن ماله ، ولأنكحن ابنته ، ولآكلن ديته. فأتاه الفتى وقد قدم تجار في بعض أسباط بني إسرائيل ، فقال: يا عم انطلق معي فخذ لي من تجارة هؤلاء القوم ، لعلي أن أصيب منها فإنهم إذا رأوك معي أعطوني. فخرج العم مع الفتى ليلا فلما بلغ الشيخ ذلك السبط قتله الفتى ، ثم رجع إلى أهله.

البقرة الآية ٦٧Al-Baqarah:67 | 2:67 - Quran O

معاني الكلمات: هزوا: أي تسخر منا ، حيث سألناك عن القتيل فتأمرنا بذبح بقرة!. ما هي: كان سؤالهم عن سن البقرة ، و هذا مما يظهر من الجواب. الفارض: الكبيرة الهرمة. البكر: الصغيرة. عوان: ما بين الكبيرة والصغيرة. فاقع: أي شديدة الصفرة. تسر الناظرين: أي تعجب الناظرين. تشابه علينا: أي اشتبهت علينا أوصاف البقرة. لا ذلول: أي لم يذلّلها العمل بإثارة الأرض بأظلافها. مسلمة: أي بريئة من العيوب. لا شية فيها: أي لا وَضَحَ فيها يخالف لون جلدها ، و الوَضَح هو البياض. جئت بالحق: أي ظهر لنا الحق. ما تفسير قول الله : { ان الله يامركم ان تذبحوا بقرة } ؟ | مركز الإشعاع الإسلامي. ما كادوا يفعلون: أي قرب أن لا يفعلوا ، و ذلك إما للخوف من فضيحة القاتل ، أو لغلاء ثمن البقرة. اضربوه: أي اضربوا القتيل ببعض البقرة.

ما تفسير قول الله : { ان الله يامركم ان تذبحوا بقرة } ؟ | مركز الإشعاع الإسلامي

وكان رجل في بني إسرائيل ، من أبر الناس بأبيه ، وإن رجلا مر به معه لؤلؤ يبيعه ، وكان أبوه نائما تحت رأسه المفتاح ، فقال له الرجل: تشتري مني هذا اللؤلؤ بسبعين ألفا ؟ فقال له الفتى: كما أنت حتى يستيقظ أبي فآخذه منك بثمانين ألفا. فقال الآخر: أيقظ أباك وهو لك بستين ألفا ، فجعل التاجر يحط له حتى بلغ ثلاثين ألفا ، وزاد الآخر على أن ينتظر أباه حتى يستيقظ حتى بلغ مائة ألف ، فلما أكثر عليه قال: والله لا أشتريه منك بشيء أبدا ، وأبى أن يوقظ أباه ، فعوضه الله من ذلك اللؤلؤ أن جعل له تلك البقرة ، فمرت به بنو إسرائيل يطلبون البقرة وأبصروا البقرة عنده ، فسألوه أن يبيعهم إياها بقرة ببقرة ، فأبى ، فأعطوه ثنتين فأبى ، فزادوه حتى بلغوا عشرا ، فأبى ، فقالوا: والله لا نتركك حتى نأخذها منك. فانطلقوا به إلى موسى ، عليه السلام ، فقالوا: يا نبي الله ، إنا وجدناها عند هذا فأبى أن يعطيناها وقد أعطيناه ثمنا فقال له موسى: أعطهم بقرتك. فقال: يا رسول الله ، أنا أحق بمالي. فقال: صدقت. وقال للقوم: أرضوا صاحبكم ، فأعطوه وزنها ذهبا ، فأبى ، فأضعفوا له مثل ما أعطوه وزنها ، حتى أعطوه وزنها عشر مرات ذهبا ، فباعهم إياها وأخذ ثمنها ، فذبحوها.

لكنه التعنت والاستخفاف، ورفض الاستسلام، وكراهية الاستجابة، دفعتهم هذه كلها إلى معاودة السؤال، فطلبوا من موسى أن يسأل ربَّه عن لون هذه البقرة، فجاء الجواب من الله - تعالى -: ﴿ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا ﴾ [البقرة: 69]. لم يكتفِ اليهودُ بهذا، وإنما أرادوا أن يواصلوا المفاوضات؛ تجنبًا للتنفيذ، ورغبة في المساومات، وطمعًا في تنازلات؛ لأن التفاوض، والمساومة، والمجادلة، والعنتَ غاياتٌ كلها عند اليهود، وليست وسائل، ومن هنا جاء سؤالهم الثالث، وفي هذه المرة جعلوه سؤالاً عامًّا، على أمل إطالة مدة المفاوضات: ﴿ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ ﴾ [البقرة:70]، فجاء الجواب من الله - تعالى - واضحًا: إنها بقرة صغيرة السن، لم تبلغ سن أن تحرث عليها الأرض، أو يسقى بواسطتها الماء، خالية من العيوب والعلامات الفارقة. وكان هذا الجواب تضمن أوصافًا متعددة، هي كل ما قد يتعلق بها من أسئلة؛ ليغلق الباب عليهم، ويحد من كثرة أسئلتهم. فما كان أمامهم إلا أن يلتزموا بأمر الله - تعالى - وهم كارهون؛ ﴿ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [البقرة: 71]، فهم غير مستعدِّين من حيث المبدأؤُ لتنفيذ ما تم الحوار حوله، والتحاور بشأنه، حتى ولو كان مع الله - تعالى - ومع رسوله موسى؛ ولهذا قاموا بالفعل قيامَ مَن هو كاره له، غير مقتنع به، فصار حالهم حال مَن لم يفعل ما أُمر به.