خطبة عن (الحلف بغير الله: إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم

وهو المستحق لأن يعظم ويجل  لكمال قدرته، وكمال علمه، وكمال إحسانه، وكمال أسمائه وصفاته، فلذلك وغيره من الأسباب جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بتحريم الحلف بغير الله، والزجر عنه والتحذير منه، ومن هذا قوله عليه الصلاة والسلام: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ، هذا يدل على أن الحلف بغير الله من المحرمات الشركية، وهذا زجر عظيم ووعيد شديد، وقال عليه الصلاة والسلام: من حلف بالأمانة فليس منا ، وقال: لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم، ولا بالأنداد، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون. فعليك يا عبدالله أن تنتبه لهذا الأمر، وأن تحذر تقليد من وقع في هذه المشكلة وفي هذا المنكر، فأنت تسمع كثيرا في الإذاعات، أو في التلفزيون، أو تقرأ في الصحف من يحلف بغير الله، بحياتك، بشرفك، بالنبي، بالأمانة، وهذا منكر ومحرم، فعلى المسلمين أن يحذروه وأن يبتعدوا عنه حماية لجناب التوحيد، وحسما لمواد الشرك، وتحقيقا لما أمر الله به من تعظيمه سبحانه والإخلاص له في الأعمال، والتأدب في الألفاظ، والبعد عن كل ما يغضبه سبحانه. فإذا أردت أن تحلف فعليك أن تحلف بالله وحده، والأولى أيضا الحذر من الحلف وألا تحلف إلا عند الحاجة، لأن الله سبحانه يقول: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89]، فالمؤمن إنما يحلف عند الحاجة إلى تثبيت شيء، أو نفي شيء، أو التصديق، أو التكذيب، فإذا احتجت إلى ذلك حلفت عند الحاجة، وإلا فدع اليمين ولا تجعلها ديدنًا لك ولا بضاعة لك، فقد جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زانٍ يعني شيخ زانٍ، والشيخ الشايب، أشيمط زانٍ، والأشيمط الذي شمطه الشيب، وعائل مستكبر، ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه.

  1. الحلف بغير ه
  2. الحلف بغير الله من
  3. الحلف بغير الله شرك أكبر

الحلف بغير ه

(3) وهذا علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد حلف بغيره سبحانه في غير واحد من خطبه: 1. "ولعمري ما عليّمن قتال من خالف الحق وخابط الغي من إدهان ولا إيهان". (4) 2. "ولعمري ما تقادمت بكم ولا بهم العهود". الحلف بغير الله في القرآن - مقال. (5) إلى غير ذلك من الاَقسام الواردة في كلامه (عليه السلام) وسائر أئمّة أهل البيت (عليهم السلام). نعم ثمة أحاديث استدل بها على المنع عن الحلف بغير اللّه، غير أنّها ترمي إلى معنى آخر كما سيوافيك. الحديث الاَوّل إنّ رسول اللّه سمع عمر، وهو يقول:وأبي، فقال: "إنّ اللّه ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، ومن كان حالفاً فليحلف باللّه أو يسكت". (6) والجواب: انّ النهي عن الحلف بالآباء قد جاء لاَنّهم كانوا ـ في الغالب ـ مشركين وعبدة للاَوثان فلم يكن لهم حرمة ولا كرامة حتى يحلف أحد بهم، ولاَجل ذلك نرى أنّالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل آباءَهم قرناء مع الطواغيت مرّة، وبالاَنداد -أي الاَصنام- ثانية، وقال: "لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت". (7) وقال أيضاً: "لا تحلفوا بآبائكم ولا بأُمهاتكم ولا بالاَنداد". (8) وهذان الحديثان يوَكدان على أنّ المنهي عنه هو الحلف بالآباء الكافرين الذين كانوا يعبدون الاَنداد والطواغيت، فأين هو من حلف المسلم بالكعبة والقرآن والاَنبياء والاَولياء في غير القضاء والخصومات؟ الحديث الثاني جاء ابنَ عمر رجل فقال: أحلف بالكعبة؟ قال له: لا، ولكن إحلف بربِّ الكعبة، فانّ عمر كان يحلف بأبيه، فقال رسول اللّه له: "لا تحلف بأبيك، فانّ من حلف بغير اللّه فقد أشرك".

الحلف بغير الله من

ويُثار هنا سؤالان: الأول لماذا يَحلِف الله بالمخلوقات كالشمس والقمر والليل، والثاني كيف يَحلِف الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بغير الله، وقد نَهَى عنه؟ أثار ذلك الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " وخلاصة ما جاء فيه: أن لله أنْ يَحلِف بما شاء مِن خلْقه "لا يُسْألُ عمّا يَفْعَلُ" وذلك لتعظيم المحلوف به وهو ـ سبحانه ـ صاحِب الأمْر في خلْقه، وفيه لَفْتٌ لأنظارنا أنْ نَتدبر وجْه العظمة في هذا المحلوف به. الحلف بغير الله من. أما حَلِفُ الرسول ـ بغير الله فقد جاء في الصحيح أنه قال للأعرابي الذي أَقْسَم ألا يَزيد ولا يَنقُص عما تَعلَّمه من الرسول من الواجبات "أفْلَحَ وأبِيه إنْ صَدَقَ" وأُجِيب عنه بأجوبة: أ ـ الطعن في صحة هذه اللفظة ـ وأبيه ـ كما قال ابن عبد البر: إنها غير محفوظة، وزَعَم أنَّ أصل الرواية "أفْلَحَ والله" فصَحَّفَها بعضُهم. ب ـ أنَّ ذلك كان يَقَع من العرب ويَجري على ألسنتهم من دون قصد للقسم أي للحلف، والنهي إنما وَرَدَ في حقِّ مَنْ قَصَد حقيقة الحلف، قاله البيهقي، وقال النووي: إنه الجواب المَرضِيُّ. ج ـ أنه كان يَقع في كلامهم على وجْهين للتعظيم وللتأكيد، والنهي إنما وَرَد عن الأول وهو التعظيم. د ـ أنَّ الحلِف بغير الله كان جائزًا، وما صَدَر من النبي كان على الجواز، ثم نُسِخ، قاله الماوَرْدِيُّ، وقال السُّهَيْلي: أكثر الشُّرَّاح عليه، قال المُنذري: دَعوَى النَّسْخ ضعيفة؛ لإمكان الجمْع بين الأمْرين المختلفين، ولعدم تَحقُّق التاريخ حتى يُعرَف السابِق من اللاحِق.

الحلف بغير الله شرك أكبر

((الشرح الممتع)) (15/121، 122). ، وحُكِيَ إجماعُ الصَّحابةِ على ذلك [297] قال ابنُ تيميَّةَ: (والحَلِفُ بالمخلوقاتِ حرامٌ عند الجُمهورِ... وقد حُكِيَ إجماعُ الصَّحابةِ على ذلك). الحلف بغير الله شرك أكبر. وقال الشِّنقيطيُّ: (لا تجوزُ -أي: اليَمينُ بغيرِ اللهِ- بإجماعِ مَن يُعتَدُّ به من أهلِ العِلمِ). الأدِلَّةُ: أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ 1- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، عن رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنَّه أدرَكَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ في رَكْبٍ، وعُمَرُ يَحلِفُ بأبيه، فناداهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ألَا إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ يَنهاكُم أنْ تَحلِفوا بآبائِكم؛ فمَن كان حالِفًا فلْيَحلِفْ باللهِ أو لِيَصْمُتْ)) [298] أخرجه البخاري (6646)، ومسلم (1646) واللَّفظُ له. وَجهُ الدَّلالةِ: نهيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الحَلِفِ بغيرِ اللهِ، والأصلُ في النَّهيِ التَّحريمُ [299] ((فتاوى اللجنة الدائمة)) (1/344). 2- عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن حَلَف بشَيٍء دونَ اللهِ فقد أشرَكَ)) [300] أخرجه أحمد (329)، والطحاوي في ((شرح مُشْكِل الآثار)) (826)، والضياء في ((الأحاديث المختارة)) (205).

ثانياً: انعدام ثقة الناس بعضهم ببعض، ومن أسبابه فشو الكذب بين الناس، فترى هذا لا يصدق هذا إلا بالحلف، ويقول له إذا قال له الخبر بقضية عادية بأسلوب عادي: تقسم بالله أن هذا صحيح؟ لأن الثقة بين الناس قد انعدمت، وفشى الكذب حتى لم يميز الصادق من الكاذب، والأمين من الخائن، ومع انتشار القسم صار حتى القسم شيئاً عادياً، لا يصدق بمن يقسم.