معنى اسم الله البارئ

[1] المعنى اللغوي [ عدل] يعود أصل كلمة "البارئ" إلى الفعل برأ، تقول العرب: برأَ الله تعالى عباده يبرؤهم بُرءاً، بمعنى: خلقهم، والبارئ اسم فاعل بمعنى: الخالق ؛ ومن قبيل هذا الاستخدام اللغوي قول علي بن أبي طالب عندما كان يحلف: "لا، والذي فلق الحبة وبرأ النَّسَمَة"، وكذلك قول الشاعر: وكل نفس على سلامتها يميتها الله ثمَّ يبرؤها ويقال: بريت العودَ أو القلم أبريه برياً، والمعنى: نحتّه وحددّته، ويُسمّى الذي يسقط منه إذا بُري: البرُاية. وقيل في الأشعار: يا باري القوس بريا ليس يحكمه لا تفسد القوس أعط القوس باريها ويذكر علماء اللغة أن الباء والراء والهمزة لهما معنيان أصيلان، الأوّل: الخلق ، فالله سبحانه وتعالى برأ الخلق يبرؤهم بُرءاً، وهو البارئ، وقد وصفه بذلك نبيّ الله موسى عليه السلام في قوله: فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ سورة البقرة:54 ، وجاء في سورة الحديد قوله تعالى: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا سورة الحديد:22 ، وتأويلها: من قبل أن نبرأ الأنفس ونخلقها، كما ذكر ذلك أهل التفسير. والبريّة هم الخلائق، ومنه قوله تعالى: أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ سورة البينة:6 ، بمعنى: شرّ الخليقة، وقال أبو إسحاق: « البرء خلق على صفة، فكل مبروء مخلوق، وليس كل مخلوق مبروءا، وذلك لأن البرء من تبرئة الشيء من الشيء من قولهم: برأت من المرض وبرئت من الدَّيْن أبرأ منه، فبعض الخلق إذا فصل من بعض سمي فاعلة بارئا » [2] وأما المعنى الآخر: التباعد من الشيء ومزايلته -مأخوذٌ من الزوال-، ومن استخدامات هذا المعنى وصف زوال المرضِ من المريض بأنّه برءَ منه، فيقال: برئت من المرض، وبرأت، أبرأُ بُرءاً.

  1. أسماءُ اللهِ الحسنى: (البارئ)
  2. معنى اسم الله البارئ
  3. (23) اسـم الله البـارئ - شرح وأسرار الأسماء الحسنى - هاني حلمي عبد الحميد - طريق الإسلام

أسماءُ اللهِ الحسنى: (البارئ)

وقَالَ الخَطَّابِيُّ: "البَارِئُ هُوَ الخَالِقُ"، ثُمَّ قَالَ: "إِلَّا أَنَّ لِهَذِه اللَّفْظَةِ مِنَ الاخْتِصاصِ بالحَيَوانِ مَا لَيْسَ لَهَا بِغَيْرِهِ مِنَ الخَلْقِ، وقَلَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي خَلقِ السَّمَاواتِ والأرْضِ والجِبَالِ فَيُقَالُ: بَرَأَ اللهُ السَّمَاءَ كَمَا يُقَالُ: بَرَأَ اللهُ الإنسانَ، وبَرَأ النَّسَمَ" [6]. وقَالَ ابنُ كَثِيرٍ: "الخَلْقُ هو التَّقْدِيرُ، والبَرْءُ هو الفَرْيُ وهو التَّنْفِيذُ وإبْرَازُ ما قَدَّرَهُ وَقَرَّرَهُ إلى الوُجُودِ، ولَيْسَ كُلُّ مَنْ قَدَّرَ شَيْئًا وَرَتَّبَهُ يَقْدِرُ عَلَى تَنْفِيذِهِ وإيجَادِهِ سِوَى الله تعالى". ويُمْكِنُ أَنْ نُلَخِّصَ القَوْلَ فِي مَعْنَى (البَارِئِ) عَلَى وُجُوهٍ: 1- أَنَّ (البَارِئَ) هُوَ المُوجِدُ والمُبْدِعُ، مِنْ بَرَأَ اللهُ الخَلْقَ إذا خَلَقَهم. معني اسم الله الباري النابلسي. وبِهَذَا يَكُونُ الاسْمُ مُشَابِهًا ومُرَادِفًا ب (الخَالِقِ). 2- (البَارِئُ) هُوَ الذِي فَصَلَ بَعْضَ الخَلْقِ عَنْ بَعْضٍ، أَيْ: مَيَّزَ بَعْضَه عَنْ بَعْضٍ، وأَنَّ أَصْلَهُ مِنَ البرءِ الذِي هُوَ القَطْعُ والفَصْلُ. 3- أَنَّ (البَارِئَ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّه تَعَالَى خَلَقَ الإِنسانَ مِنَ التُّرَابِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ﴾ [طه: 55]، وأَنَّ أَصْلَهُ مِنَ البَرْي وَهُوَ التُّرَابِ [7].

معنى اسم الله البارئ

الدِّلالاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (البَارِئ): قَالَ اللهُ تعالى: ﴿ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ﴾ [الحشر: 24]. قَالَ الحُليْمِيُّ رحمه الله: "وهَذَا الاسْمُ يَحْتَمِلُ مَعْنَيينِ: أَحَدُهما: المُوجِدُ لِمَا كَانَ في مَعْلُومِهِ مِنْ أَصْنَافِ الخَلَائِقِ، وهَذَا هُوَ الذِي يُشِيرُ إليهِ قَوْلُه تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ﴾ [الحديد: 22]. ولا شَكَّ أَنَّ إِثْبَاتَ الإبْدَاعِ والاعْتِرَافَ بهِ للبَارِي تبارك وتعالى لَيْسَ عَلَى أَنَّه أَبْدَعَ بَغْتَةً مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ سَبَقَ لَهُ بِمَا هُوَ مُبْدِعُهُ، لَكِنْ عَلَى أَنَّه كَانَ عَالِمًا بِمَا أَبْدَعَ قَبْلَ أَنْ يُبْدِعَ، فَكَمَا وَجَبَ لَهُ عِنْدَ الإبْدَاعِ اسْمُ البَدِيعِ، وَجَبَ لَهُ اسْمُ البَارِئ.

(23) اسـم الله البـارئ - شرح وأسرار الأسماء الحسنى - هاني حلمي عبد الحميد - طريق الإسلام

المشارطة: يخطط ليومه من بدايته، يسجل ما يريد إنجازه في يومه ويحاسب نفسه بعد ذلك. المحاسبة: بعد انتهاء اليوم وقبل أن ينام، يبدأ ينظر في تنفيذ ما اشترطه على نفسه.. ويحاسبها فإن وجدها قصرت تأتي مرحلة.. 3. المعاتبة: يعاتب نفسه على تقصيرها ويذكرها بالموت والآخرة وأن العمر رأس ماله. المعاقبة: ثم يعاقب نفسه بأن يحرمها من نزهة مع الأصدقاء، أو يحرما من شراء شيء تحبه.. يعاقبها فيما تحب. (23) اسـم الله البـارئ - شرح وأسرار الأسماء الحسنى - هاني حلمي عبد الحميد - طريق الإسلام. وهكذا في كل يوم.. فيصل مع الوقت إلى إحكام نفسه وتأييدها. ثانيـا: قلنا برأ الشيء بمعنى تخلص.. ومنها يسعى المؤمن في تنزيه نفسه من العيوب والنقائص والآفات.. وهي التزكية وسوف نفصل فيها لاحقا إن شاء الله. ثالـثا: الإعذار: فقلنا أن المؤمن لكي يُعذر عند الله عز و جل عليه تلَمُّس الأعذار لغيره. رابعـا: قلنا البري بمعنى التراب، فتشير لمعنى الذل والانكسار فأي مخلوق من تراب هذا الذي يتكبر وعلامَ؟ خامسـا: تحقيق مبدأ الولاء والبراء: يبرأ فيها معنى البراءة.. أنه يبرأ من أشياء ويُوالي أشياء، والولاء والبراء يتحقق في عدة معاني منها: ­ أولا أن يبرأ إلى الله عز وجل من كل دين يخالف دين الإسلام. ­ ويبرأ في خاصة نفسه من كل شهوة تخالف أمر ربه.

أما الملحدون والمتكلمة أهل الشبهات فنقول لهم: أن الأرزاق قُسِّمَت ما بين الناس جميعًا بالسوية، لكن الرزق تفاوت في كيفيته بالنسبة لكل شخص، فشخص كان الرزق بالنسبة له مال، وآخر كان الرزق له صحة، وثالث كان الرزق له تيسير أمور من نحو تيسير زواج وأولاد ونحو ذلك، وشخص آخر رزق ملكات وذكاء فيستغل ملكاته وذكاؤه ويصبح به مرموقا فكل يأخذ رزقه من ناحية. فقانون العدل الإلهي يقتضى ذلك، وهذا دليله الحس قبل أن يكون دليله الايمان، فالواقع يشهد أن الذي يفقد شيء يُعوَّضه الله بأشياء، فمثلاً الإنسان الضرير من أكثر الناس في ملكة الحفظ وييسر له ما لا ييسر للإنسان العادي الصحيح. ونفس الحال بالنسبة للغنى والفقير، فالفقير له راحة البال، والله يدخل الفقراء قبل الأغنياء الجنة، وكم من غني أغبط فقيرا على رضاه وراحة باله وصلاح حياته.. فكل إنسان أخذ جزء من الكعكة ولم يأخذها كلها، ولكن كل منا ينظر إلى القطعة التي لم يأخذها. حظ المؤمن من اسم الله البارئ: أولاً: المؤمن – كما قلنا- لا بد أن تكون له دراسة جدوى في حياته بشكل عام، يخطط لحياته ولا يعيشها عبثا. فأول ما يستيقظ من نومه يأخذ بكلام العلماء في القيام بـ:.. (المشارطة، والمحاسبة، والمعاتبة، والمعاقبة) التي هي مراتب المحاسبة.

الثالث: أنَّ البارئَ مُشْتَقٌّ مِنَ البرئ وَهوَ الترابُ، فالبارئُ يَدلُّ على أنَّه تعالى رَكَّبَ الإنسانَ مِنَ الترابِ؛ كَمَا قَالَ تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] ( [15]). ثالثًا ـ المعنى عِنْدَ الماتريدية: البارئُ: بمعنى الخالق؛ وَيُقالُ: بَرَأَ، أي: خَلَقَ، وَالبريةُ هيَ الخَلْقُ، وَيُقالُ: سُميتْ البريةُ بريةً؛ لأنَّه خَلْقٌ مِنَ التُّرابِ، إذ البري مِنَ الترابِ ( [16]). الهوامش: ( [1]) ينظر: معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، (1/236). ( [2]) ينظر: تفسير أسماء الله، الزجاج، ص(37). ( [3]) مجموع فتاوى ابن تيمية، (6/382). ( [4]) القواعد المثلى، ابن عثيمين، ص(23). ( [5]) يُنظر: إصلاح المنطق، ابن الكيت، (1/158)، وغريب القرآن، ابن قتيبة، ص(40)، وغريب الحديث، له، (1/47)، وغريب الحديث، أبو إسحاق الحربي، (1/260). ( [6]) ينظر: جامع الأصول في أحاديث الرسول، ابن الأثير، (4/177). ( [7]) ينظر: تفسير الطبري، (28/66). ( [8]) ينظر: التوحيد، ابن منده، (2/76). ( [9]) ينظر: جامع الأصول، ابن الأثير، (4/177). ( [10]) ينظر: تفسير ابن كثير، (4/367). ( [11]) ينظر: تفسير أسماء الله، الزجاج، ص(37).