الاعتذار من شيم الكبار .

الاعتذار من شيم الكبار... الاعتذار من شيم الكبار ، وخلق من أخلاق الأقوياء ، وعلامة من علامات الثقة بالنفس التي لا يتصف بها إلا الكبار ، الذين لديهم القدرة على مواجهة الآخرين بكل قوة وشجاعة وأدب ، والحياة بدون اعتذار ستحمل معاني الندية ، وستخلق جواً من التوتر والقلق بين الناس. فالاعتذار خلق اجتماعي جميل يدعو للتعايش ، ويمحو ما قد يشوب المعاملات الإنسانية من توتر أو تشاحن نتيجة الاحتكاك المتبادل بين الناس. الاعتذارمن شيم الكبار | يوسف الحسن | صحيفة الخليج. والاعتذار ينفي عن صاحبه صفة التعالي والكبر ، ويمنحه المصداقية والثقة في قلوب الآخرين ، كما أن الاعتذار يُزيل الأحقاد ، ويقضي على الحسد ، ويدفع عن صاحبه سوء الظن به ، والارتياب في تصرفاته. لماذا الاعتذار من أخلاق الكبار؟ لأن الاعتذار يعني الاعتراف بالخطأ ، وقلما تجد إنساناً يستطيع أن يواجه الآخرين بخطئه أو يعترف به. ولأن الاعتذار يعني تحمل المسئولية عن الخطأ الذي ارتكبه صاحبه ، وهو كذلك صعب التحقيق إلا بين الكبار الذين يواجهون أخطاءهم بكل قوة وحزم. ولأن الاعتذار يحتاج من صاحبه إلى قوة نفسية هائلة تدفعه للمبادرة به ، وهو ما لا يتوفر إلا للكبار الذين كبحوا جماح أنفسهم فسلس لهم قيادتها. ولأن الكبار هم الذين يُراعون مشاعر الآخرين ، ولا يجرحونها ، فلا يتعدون على حقوقهم أو يدوسون على كرامتهم ، لذا فإنهم متى بدر منهم ذلك يسارعون للاعتذار وتصحيح الخطأ ، وهذا أيضاً لا يكون إلا من أخلاق الكبار.

الاعتذارمن شيم الكبار | يوسف الحسن | صحيفة الخليج

ومع أن ارتكاب الأخطاء أمرٌ مُشينٌ ويَعيب مرتكبيها، إلا أن الاعتراف به وعدم المجادلة بالباطل قد يمحو آثار هذا الخطأ، ويُكسب صاحبه تعاطفَ الآخرين ووقوفهم بجانبه. إن أخطر ما في سياسة التبرير التي ينتهجها البعض هي أن تنتقل عدوى التبرير إلى من حولنا؛ فالأب الذي لا يعتذر لأولاده مثلاً عن عدم وفائه لهم بوعدٍ وعده لهم إنما ذلك درسٌ عملي لهم أن ينتهجوا نفس النهج، ويسلكوا نفس السلوك، وقِس على هذا كل المسئولين مع مرءوسيهم. إننا نُصاب بالصدمة الكبرى عندما نرى إنسانًا يتولَّى إمارةً أو مسئوليةً أو أمرًا قياديًّا ولا حديث له إلا عن الإنجازات والعطاءات والمشروعات الناجحة والعملاقة، صفحاته كلها بيضاءُ ناصعةٌ لا خطأَ فيها، إنها صفحاتٌ تُشبه صفحات الملائكة المعصومين والأنبياء المرسلين التي لا مكان فيها للخطأ أو النقصان، أو حتى السهو أو النسيان.. ولا حول ولا قوة إلا بالله. الاعتذار من شيم الكبار .. ألا فليعلمْ الجميع أن الاعتراف بالخطأ أطيبُ للقلب وأدعى للعفو، ومعلومٌ أن توبة الصحابي الجليل كعب بن مالك لم يُنقذه إلا صدقه وصراحته. قبول الأعذار ومع اتصاف الكبار بهذا الخلق العظيم وهذا السلوك الإيجابي من تقديم الاعتذار والاعتراف بالخطأ متى بدر منهم، فهم كذلك يبادرون لقبول الأعذار من المخطئين في حقهم، فلا تعاليَ ولا بطرَ ولا أشرَ، بل مسامحةٌ وعفوٌ وطيبُ خاطرٍ، وهم بذلك يقدِّمون درسًا عمليًّا للناس؛ فقبول الاعتذار بهذه الصورة يحضُّ الناس على الاعتذار متى أخطئوا؛ لأن الإصرار على الملامة والعتاب وتسجيل المواقف لإحراج المعتذرين يجعلهم يُصرِّون على الخطأ ويأبون الاعتراف به.

الاعتذار من شيم الكبار - شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان

هناك اعتذارات جاءت متأخرة، من بينها اعتراف الرئيس الأمريكي بايدن بالفظائع التي ارتكبت بحق السكان الأصليين من الهنود الحمر في أمريكا الشمالية، وقد جاء هذا الاعتذار الخالي من الإنصاف في ذكرى يوم المستكشف كريستوفر كولمبس، الذي يعد عيداً وطنياً أمريكياً، وقال الرئيس عنه: «إن هذا الاستكشاف، أدّى إلى موجة من الدمار للسكان الأصليين». الاعتذار من شيم الكبار - شبكة قحطان - مجالس قحطان - منتديات قحطان. وطالب الأمريكيين «بعدم دفن الأجزاء المخزية من تاريخ أمريكا»، وأصدر قراراً باعتبار يوم الحادي عشر من أكتوبر من كل عام، يوم ذكرى للسكان الهنود الحمر، بالتوازي مع ذكرى «يوم كولمبس». كما أزالت جامعة هارفارد قبل سنوات شعاراً لعائلة تاجر رقيق ثري كان جزءاً من شعار كلية الحقوق في الجامعة. واعترفت الجامعة بأن العبودية كانت من جوانب ماضيها وغيرها من المؤسسات الأمريكية المتواطئة بشكل مباشر في نظام العبودية العرقية في أمريكا. وهناك تاريخ مشين لعدد من «البارونات اللصوص»، وفق وصف أطلقه ذات يوم الرئيس الأمريكي الأسبق روزفلت على أثرياء كبار بدأوا شبابهم كلصوص وقاطعي طرق، وبنوا ثروات طائلة، وفي نهاية العمر، صاروا يتشبهون ببارونات أوروبا، فشيدوا أو دعموا مؤسسات علمية وخيرية مماثلة لما شيَّده أمراء إقطاع أوروبي مستنيرين، تدعم البحوث والفنون، وبدوا أتقياء وحتى متدينين، وكأنهم ينشدون الغفران والصفح والاعتذار.

الاعتذار من شيم الكبار .

الاعتذار مطلوب، وهو من شيم الكبار.

الاعتذار سمة من سمات الإنسان النبيل وهو رسالة تجسد الكثير من تحمل المسئولية تجاه الآخرين.. هو ليس ضعفاً أو إذلالاً بل قوة تنزع الحقد والضغينة من الإنسان وتُبقي حبل التواصل مستمراً.