ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر

مقالات متعلقة تاريخ الإضافة: 12/7/2017 ميلادي - 18/10/1438 هجري الزيارات: 15348 هل من متَّعظ معتبِر؟ [1] ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِر ﴾ أخبر الله تعالى في قوله: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17] على سبيل التأكيد بلام القسَم و(قد)، أنه قد سهَّل هذا القرآنَ الكريم، وجعله ميسَّرًا للحفظ والتدبُّر، والاتِّعاظ والعمل؛ وذلك بما اشتملَ عليه من القَصَص والأمثال، وما فيه من التشريع والأحكام، وبما ساقَ فيه من العِبَر والأخبار. وقد تكرَّرت هذه الآيةُ ثلاثَ مرَّات في سورة القمر، في الآيات: (22، 32، 40)، وجاءت في كلِّ مرَّة عقب قصَّة من قصَص الأمم الغابرة. جاءت أوَّلًا بعد قصَّة نبيِّ الله نوحٍ عليه السلام، وما كان من أمرِه مع قومه العاصينَ الذين أهلكهم الله بالطُّوفان، وأنجى على السَّفينة نوحًا ومن آمنوا معه. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة القمر - الآية 17. وجاءت ثانيًا بعد قصَّة نبيِّ الله صالحٍ عليه السلام مع قومه ثمودَ الذين عصَوا واستكبَروا، وكذَّبوا نبيَّهم، وعقَروا الناقةَ التي أرسلها الله إليهم امتحانًا واختبارًا، فأهلكهم ربُّهم بصيحةٍ واحدة تركتهم هَشيمًا مفتَّتًا.
  1. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة القمر - الآية 17
  2. ولقد يسرنا القرآن للذكر - طريق الإسلام

القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة القمر - الآية 17

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (17) وقوله ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) يقول تعالى ذكره: ولقد سهَّلنا القرآن, بيَّناه وفصلناه للذكر, لمن أراد أن يتذكر ويعتبر ويتعظ, وهوّناه. كما حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) قال: هوّناه. حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) قال: يسَّرنا: بيَّنا. ولقد يسرنا القرآن للذكر - طريق الإسلام. وقوله ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) يقول: فهل من معتبر متعظ يتذكر فيعتبر بما فيه من العبر والذكر. وقد قال بعضهم في تأويل ذلك: هل من طالب علم أو خير فيُعان عليه, وذلك قريب المعنى مما قلناه, ولكنا اخترنا العبارة التي عبرناها في تأويله, لأن ذلك هو الأغلب من معانيه على طاهره. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) يقول: فهل من طالب خير يُعان عليه. حدثنا الحسين بن عليّ الصُّدائيّ, قال: ثنا يعقوب, قال: ثني الحارث بن عبيد الإياديّ قال: سمعت قتادة يقول في قول الله ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) قال: هل من طالب خير يُعان عليه.

ولقد يسرنا القرآن للذكر - طريق الإسلام

وكرَّرت هذه الآيةُ في صيغة استفهام ﴿ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ ؟ وقُصد به الأمر: أي: ادَّكروا وتذكَّروا، أو قُصد به الحثُّ على التذكُّر؛ إذ إنَّ الله تعالى قد أودعَ في هذا الكتابِ العظيم المعجِز من المواعظ والعِبَر ما يجعله واضحًا ميسَّرًا لمَن أراد الاعتِبارَ والتدبُّر، وهو ميسَّر كذلك للحفظ في الصُّدور والعمل بالجوارح. وفي التكرار أيضا: التنبيهَ على ضرورة التدبُّر في أنباء الغابرين من الأمَم، والاعتبار بمصير العاصين المكذِّبين منهم؛ لأنَّ التخويفَ والوعظ متى تكرَّرا ،كان ذلك تأكيدًا ،يجعل الكلامَ أوقعَ في القلوب، وأردعَ للنفوس.

وقوله (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) يقول: فهل من معتبر متعظ ، يتذكر ، فيعتبر بما فيه من العبر والذكر" انتهى من "جامع البيان" (22/584). وقال أيضا: "وقوله (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) يقول تعالى ذكره: ولقد سهَّلنا القرآن للذكر لمن أراد التذكر به، فهل من متعظ، ومعتبر به، فينزجر به عما نهاه الله عنه إلى ما أمره به وأذن له فيه" انتهى من "جامع البيان" (22/600).