وفي الحديث عن الوضع العربيّ، يصف لنا الوطن العربيّ الممزّق إلى دويلات فيصف الشّاعر نفسه بأنّه يمشي على ورق الخريطة خائفًا، فكلّ العرب غرباء في وطنهم، يشعرون بالهزيمة. وتقسيم الوطن العربيّ هو عنوان الهزيمة، وكأس الشاعر مُرّة لا يستطيع أن يشرب منها، لذلك يصرخ في وجه الواقع أملًا في تغيّره ولتحقيق حياة أفضل لمن يحبهم. لقد ظهرت الهوية السورية جلية في هذه القصيدة، ففي البيتين الثاني والسابع يصف لنا الشّاعر نفسه بأنّه دمشقيّ الهُويّة والهوى ويصف نفسه بأنّه قمر دمشقيّ، فهو يمثّل كلّ أطياف الشّعب السّوري من شعراء ومغنّين ومثقفين، وقد استخدم نوعًا من أنواع الاستعارة لتوضيح مكانته (الاستعارة التصريحيّة) ، وذلك بحذف المشبّه (الشّاعر) والتّصريح بالمشبّه به (القمر) مع ذكر بعض متعلّقاته (يمشي). وفي نهاية هذه القصيدة. يؤكّد لنا الشّاعر الرّأي النّقديّ الّذي يصف الحالة الشّعريّة الإبداعيّة بأنّها نوع من الجنون. الخصائص الأسلوبيّة والفنيّة: استخدام اسلوب النداء: يا تونس، استخدام أسلوب الاستفهام: هل دولة الحبّ التي أسستها سقطت ؟ من أين أدخل ؟ توظيف أسلوب التّكرار: تونس الخضراء، دمشقي، الجنون ، الخريطة. استخدام أسلوب النفي: لم يبق ، لا البحتري ولا زرياب، لا تعذليني توظيف أسلوب التّوكيد: إنّي دمشقي ( الحرف المشبه بالفعل إنّ يدل على التوكيد)، إنّ الجنون وراء نصف قصائدي.
1. يا تونس الخضراء جئتك عاشقا وعلى جبيني وردة وكتاب بدأ الشّاعر قصيدة بداية غزلية على نهج الشعراء القدماء ( مقدمة طلليّة) فهو ينادي تونس التي امتازت بجمال طبيعتها واخضرارها ، فهي معشوقته التي جاءها وقلبه مفعم بعشقها يحمل الورود ( كناية عن المحبّة والسّلام) والكتب (كناية عن الشّعر والمدح) على جبينه. استخدم الشاعر أسلوب النداء، والغرض من النّداء هو التحبّب والتقّرّب من المحبوبة ( تونس) واستخدم أسلوب التشخيص: فهو يخاطب تونس كأنها إنسان يسمع ويحاور ليدلّل على حبّه لها وعلاقته الطيبة بها. 2 -. إني الدمشقي الذي احترف الهوى فاخضوضرت بغنائه الأعشاب يعلن الشّاعر انتماءه الوطنيّ لدمشق واصفا نفسه بأنّه محبّ ( وقد اشتهر نزار قباني بقصائد الغزل) محترف يتقن فنّ الشّعر حتّى أنّ الأشجار قد دبّت فيها الحياة فازدادت خضرة بسبب رونق شعره الجميل العذب. نلاحظ أنّ الشّاعر يفتخر أيضا بانتمائه لوطنه دمشق حين يتحدّث عن نفسه ، فهو ينسب إليه دمشق ( إنّي الدّمشقيّ) استخدم الشّاعر أسلوب التّوكيد باستخدامه الحرف المشبّه بالفعل: إنّ ، حيث اراد أن يؤكد هويته الدمشقيّة. 3 -. أنا فوق أجفان النساء مكسّر قطعا فعمري الموج والأخشاب يصوّر الشّاعر حالته المضطربة بسبب الظروف العربيّة وحالة التفكّك والتفرقة، فهو في عيون النّساء مكسّر إلى قطع بسبب الإنهاك الذي يصيب حالته النفسيّة، وشبّه حياته بأخشاب مكسّرة تلاطمها أمواج البحر.