سورة الرعد - ويكيبيديا

- بينت السورة أن المسلم يرفض - بحكم إيمانه بالله، وعلمه بأن ما أنزل على محمد هو الحق - كل منهج للحياة غير منهج الله؛ ومجرد الاعتراف بشرعية منهج، أو وضع، أو حكمٍ من صنع غير الله، هو بذاته مناقض لمنهج الله؛ فالإسلام لله هو توحيد الدينونة له دون سواه. هذه بعض المقاصد البارزة التي قررتها هذه السورة، وهي بالتأكيد تتضمن مقاصد غير ما ذكرنا، تتبين من خلال التأمل في السورة، والوقوف على مراميها السامية، ومقاصدها الجليلة.

  1. سورة الرعد - ويكيبيديا

سورة الرعد - ويكيبيديا

وفي مقدمة هذه الحقائق: أنه لا ألوهية ولا ربوبية إلا لله، ومن ثم فلا دينونة، ولا طاعة، ولا خضوع، ولا اتباع إلا لله. فهذه الحقيقة الأساسية يجب أن تُعلن أيًّا كانت المعارضة والتحدي؛ وأيًّا كان الإعراض من المكذبين والتولي؛ وأيًّا كانت وعورة الطريق وأخطارها. - أظهرت السورة أن المنهج القرآني في الدعوة يجمع بين الحديث عن كتاب الله المتلو، وهو هذا القرآن، وبين كتاب الكون المفتوح؛ بما فيه من دلائل شاهدة بسلطان الله وتقديره وتدبيره. كما يضم إلى هذين الكتابين سجل التاريخ البشري، وما يحفظه من دلائل ناطقة بالسلطان والتقدير والتدبير أيضاً. ويواجه البشرية بهذا كله، ويأخذ عليها أقطارها جميعاً؛ وهو يخاطب حسها وقلبها وعقلها جميعاً. - أوضحت السورة بجلاء نماذج من طبيعة النبوة والرسالة؛ وحدود النبي والرسول؛ لتخليص العقول والأفكار من رواسب الوثنيات كلها؛ وتحريرها من تلك الأساطير التي أفسدت عقائد أهل الكتاب من قبل؛ وردتها إلى الوثنية بأوهامها وأساطيرها!. - بينت السورة أن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلام إنما هي البلاغ، وأن أمر هذا الدين ليس إليه هو، ومآل هذه الدعوة ليس من اختصاصه! إنما عليه البلاغ، وليس عليه هداية الناس، فالله وحده هو الذي يملك الهداية، سواء حقق الله بعض وعده له من مصير القوم، أو أدركه الأجل قبل تحقيق وعد الله، فهذا أو ذاك لا يغير من طبيعة مهمته.

- قررت السورة حقيقة مهمة، وهي أن الله سبحانه يقضي بالهدى لمن ينيب إليه؛ وهذه الحقيقة تدل على أنه سبحانه إنما يضل من لا ينيب، ومن لا يستجيب، ولا يضل منيباً، ولا مستجيباً؛ وذلك وفق وعده سبحانه في قوله: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69]، فهذه الهداية وذلك الإضلال هما مقتضى مشيئته سبحانه بالعباد، هذه المشيئة التي تجري وتتحقق من خلال تغيير العباد ما بأنفسهم، والاتجاه إلى الاستجابة، أو الإعراض. - بينت السورة أنه سبحانه لو شاء لخلق الناس باستعداد واحد للهدى، أو لقهرهم على الهدى، ولكنه سبحانه شاء أن يخلقهم مستعدين للهدى، أو للضلال، { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان:3]، { وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:10]؛ ولم يشأ بعد ذلك أن يقهرهم على الهدى، ولا أن يقهرهم على الضلال! إنما جعل مشيئته بهم تجري من خلال استجابتهم، أو عدم استجابتهم لدلائل الهدى، وموجبات الإيمان. - قررت السورة كلمة الفصل في دلالة الكفر وعدم الاستجابة لهذا الحق الذي جاء به هذا الدين، على فساد الكينونة البشرية، وتعطل أجهزة الاستقبال الفطرية فيها، واختلال طبيعتها، وخروجها عن سواء السبيل.