ذكر الله

ت + ت - الحجم الطبيعي عن أبي الدرداء، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «ذكر الله تعالى». ففي هذه الوصية يشير، صلى الله عليه وسلم، إلى أن ذكر الله فضله عظيم وثوابه جزيل، والمداومة عليه من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى لأنها تشغل الوقت كله والعمر كله، فهو نوع من الجهاد الذي يحمل الناس على التقوى، ويبعدهم عن الفتن وشهوات النفس الأمارة بالسوء، فيكون المؤمن على صلة دائمة بربه عز وجل. ولله در ابن الجوزي -رحمه الله- عندما قال: يا من قد شغلت عن ذكر الشواغل، يا من كلما أيقظته العبر فهو غافل، يا من في مرتبة الطاعة ناقص، وفي مرتبة المعصية كامل، أما تستحي ممن سرك إليه صاعد، أيامك تمر مر السحاب وأنت إلى البطالة جائع، لا تضيف إلى الموعظة من واعظ، ولا تقبل النصيحة من ناصح، وأنت عمل قليل من سكان الضرائح، فما أنت قائل لمن لحقوقه منك مطالب وعن حقوق عباده سائل.

  1. خير الأعمال عند الله
  2. ‏(31) الحديث الثاني « ألا أنبئكم بخير أعمالكم ... »‏ - معاني الأذكار - خالد بن عثمان السبت - طريق الإسلام

خير الأعمال عند الله

وعن الأغر المزني أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّه ليغان [6741] الغين فترات عن الذكر الذي شأنه أن يداوم عليه فإذا فتر عنه لأمر ما عد ذلك ذنبا فاستغفر عنه وقيل هو شيء يعتري القلب مما يقع من حديث النفس وقيل هو السكينة التي تغشى قلبه والاستغفار لإظهار العبودية لله والشكر لما أولاه وقيل هي حالة خشية وإعظام والاستغفار شكرها. ((فتح الباري)) لابن حجر (11/101). على قلبي، وإنِّي لأستغفر الله في اليوم، مائة مرة)) [6742] رواه مسلم (2702). ‏(31) الحديث الثاني « ألا أنبئكم بخير أعمالكم ... »‏ - معاني الأذكار - خالد بن عثمان السبت - طريق الإسلام. 4- الإكثار من النوافل: الإكثار من النوافل يقرِّب إلى الله سبحانه وتعالى، ويورث محبته، وفي الحديث القدسي: ((وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإنْ سألني لأُعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه)) [6743] رواه البخاري (6502). والإكثار من النوافل يعوض ما قد يطرأ من النقص، والتقصير في الفرائض. 5- العظة من خاتمة من أصابه الفتور: تجد بعض من يصاب بالفتور ينتكس، وتكون خاتمته سيئة، فعلى المسلم أن يتعظ بهؤلاء، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ [محمد: 25] 6- التفكر في يوم القيامة: فالتفكر في اليوم الآخر، وما أعده الله لعباده، الممتثلين لأوامره؛ من النعيم، وما أعدَّه للكفار والعاصين، من العذاب، يحرك في قلب صاحبه العزيمة الفاترة، فيقبل على الله بقلبه، ليكون من المنيبين إليه.

‏(31) الحديث الثاني « ألا أنبئكم بخير أعمالكم ... »‏ - معاني الأذكار - خالد بن عثمان السبت - طريق الإسلام

الزكاء يأتي بمعنى: النَّماء، ويأتي بمعنى: التَّطهير، فهنا يكون ناميًا عند الله  ، وتتضاعف هذه الحسنات لصاحبها، وهو أرفعها درجةً، وفيه ترغيبٌ بهذا الذكر؛ لأنَّه يدخل تحت كلِّ عملٍ يعمله المكلَّفُ كائنًا مَن كان. وفيه أيضًا دلالة على كون ذكره -تبارك وتعالى- أفضل من الجهاد، ومن الصَّدقة، هكذا في ظاهره بإطلاقٍ، وتخصيص هذين العملين: الجهاد، والصَّدقة، خصَّهما بالذكر، وإلا فهو أفضل من سائر الأعمال؛ لأنَّه عمَّم أنَّ الذكرَ أفضل الأعمال، ثم ذكر هذين العملين: إنفاق الذَّهب والورق، وأن تلقوا عدوَّكم فتضربوا أعناقَهم، ويضربوا أعناقَكم. هذا زيادة تأكيدٍ لهذا المعنى في فضل الذكر، حينما قال: ألا أُنبئكم بخير أعمالكم ، فذكر هذه الأعمال الفاضلة جدًّا، وهي بذل المهج، وبذل الأموال، فهما أحبُّ الأشياء إلى الإنسان، وكما قال الشَّاعر -وإن كان كلامُه في آخره غير صحيحٍ-: لولا المشقّة ساد الناس كلّهم الجود يُفقر والإقدام قتَّال [6] بذل الأموال، وبذل النفوس، الجود لا يُفقر، ولا يموت أحدٌ إلا بأجله. لكن أهل العلم أوردوا إشكالاً في هذا الحديث، أوردوا سؤالاً نترك الحديثَ عنه -إن شاء الله تعالى- في الليلة الآتية، وأسأل الله -تبارك وتعالى- أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يجعلنا وإياكم هُداةً مُهتدين.
يعني: هذا عملٌ جليلٌ. قال: وأفضل من ذلك إيمانٌ ملزومٌ بالليل والنَّهار -يعني: مُلازمٌ بالليل والنَّهار- وألا يزال لسانُ أحدكم رطبًا من ذكر الله، أفضل من ذلك [2]. يعني: أفضل من إعتاق مئة نسمة. كان هناك مجلسٌ آخر بعنوان: أيُّكم يعجز عن هذا؟ ذكرتُ فيه أشياء من الأحاديث الصَّحيحة التي هي في مُتناول الجميع، أعمال سهلة، يسيرة، ليس لأحدٍ عذرٌ في التَّخلي عن ذلك كلِّه والقعود عن العمل الصَّالح. ابن مسعودٍ  يقول: "لأن أُسبّح الله تعالى تسبيحات أحبُّ إليَّ من أن أُنفق عددهن دنانير في سبيل الله" [3] ، التَّسبيحات أفضل من دنانير، والدَّنانير من الذَّهب. وجلس عبدُالله بن عمرو بن العاص مع ابن مسعودٍ  ، فقال ابنُ مسعودٍ: لأن آخذ في طريقٍ أقول فيه: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ أحبُّ إليَّ من أن أُنفق عددهنَّ دنانير في سبيل الله -عزَّ وجلَّ-. فقال عبدُالله بن عمرو -وهؤلاء من علماء الصَّحابة- قال: لأن آخذ في طريقٍ فأقولهنَّ أحبُّ إليَّ من أن أحمل عددهنَّ على الخيل في سبيل الله  [4]. هذا يقول: أفضل من إنفاق الدَّنانير. وهذا يقول: أفضل من الحمل على الخيل في سبيل الله -في الجهاد.