ولقد فتنا سليمان

وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) يقول تعالى: ( ولقد فتنا سليمان) أي: اختبرناه بأن سلبناه الملك مرة ، ( وألقينا على كرسيه جسدا) قال ابن عباس ، ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وغيرهم: يعني شيطانا. ( ثم أناب) أي: رجع إلى ملكه وسلطانه وأبهته. قال ابن جرير: وكان اسم ذلك الشيطان صخرا. قاله ابن عباس ، وقتادة. وقيل: آصف. قاله مجاهد وقيل: آصروا. قاله مجاهد أيضا. وقيل: حبقيق. قاله السدي. وقد ذكروا هذه القصة مبسوطة ومختصرة. وقد قال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة: قال أمر سليمان - عليه السلام - ببناء بيت المقدس فقيل له: ابنه ولا يسمع فيه صوت حديد. فقال: فطلب ذلك فلم يقدر عليه. فقيل له: إن شيطانا في البحر يقال له: " صخر " شبه المارد. ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب – كنوز التراث الإسلامي. قال: فطلبه وكانت عين في البحر يردها في كل سبعة أيام مرة فنزح ماؤها وجعل فيها خمر ، فجاء يوم ورده فإذا هو بالخمر فقال: إنك لشراب طيب إلا أنك تصبين الحليم ، وتزيدين الجاهل جهلا. ثم رجع حتى عطش عطشا شديدا ثم أتاها فقال: إنك لشراب طيب إلا أنك تصبين الحليم ، وتزيدين الجاهل جهلا. ثم شربها حتى غلبت على عقله ، قال: فأري الخاتم أو ختم به بين كتفيه فذل.
  1. ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
  2. ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب – كنوز التراث الإسلامي

ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام

استهل الإمام ابن عاشور رحمه الله تفسيره لهذه الآيات الكريمات قوله تعالى {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ، قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ، فسخرنا له الريح…} [ص: ٣٤-٣٧] بقوله: "جاءت هذه الآيات مشيرة إلى فتنة عرضت لسليمان أعقبتها إنابة ثم أعقبتها إفاضة نعم عظيمة…". وبعد أن عرّف الفتنة بقوله: " والفتن والفتون والفتنة: اضطراب الحال الشديد الذي يظهر به مقدار صبر وثبات من يحل به…"، ذكر أن المفسرين اختلفوا في تعيين هذه الفتنة، وأنهم "ذكروا قصصاً هي بالخرافات أشبه، ومقام سليمان عن أمثالها أنزه". ولقد فتنا سليمان والقينا على كرسيه جسدا. وبعد أن عرض مثالاً لما اعتبره "من أغرب هذه القصص" – وهي قصة إيداعه لولد له في الريح، وهي التي نسجها المعري شعراً تبعاً لأوهام الناس -، ذكر أن أظهر أقوال المفسرين " أن تكون الآية إشارة إلى ما في صحيح البخاري عن أبي هريرة: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله. فقال له صاحبه: قل إن شاء الله. فلم يقل: إن شاء الله.

ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب – كنوز التراث الإسلامي

فإنْ قَلْتَ: فهل يحدث هذا من الرسل؟ يعني: هل يخطئ الرسول ويُصحِّح له؟ نعم، العيب أنْ يصحح لك المسَاوي لك، إنما ليس عيباً أنْ يصحح لك الأعلى، فماذا فيها إنْ كان الذي يُصحِّح لسليمان ربه عز وجل لا أنت. إذن: من الشرف أنَّ الله يُعدِّل لسليمان، لذلك لما عَدَّلَ الحق سبحانه الحكم لنبيه محمد، فقال: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ.. } [التحريم: 1]. ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. وقال: { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ * أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ} [عبس: 1-2] فهل استنكف رسول الله أنْ يُعدِّل له ربه؟ لا لم يستنكف بدليل أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي أبلغ هذا التعديل وأخبرنا به، وأنا لا أخبر إلا بما فيه شَرفٌ لي.

⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا﴾ قال: شيطانا يقال له آصر. ⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ﴿عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا﴾ قال: شيطانا يقال له آصف، فقال له سليمان: كيف تفتنون الناس؟ قال: أرني خاتمك أخبرك. فلما أعطاه إياه نبذه آصف في البحر، فساح سليمان وذهب مُلكه، وقعد آصف على كرسيه، ومنعه الله نساء سليمان، فلم يقربهنّ، وأنكرنه؛ قال: فكان سليمان يستطعم فيقول: أتعرفوني أطعموني أنا سليمان، فيكذّبونه، حتى أعطته امرأة يوما حوتا يطيب بطنه، فوجد خاتمه في بطنه، فرجع إليه مُلكه، وفر آصف فدخل البحر فارّا. ⁕ حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد بنحوه، غير أنه قال في حديثه: فيقول: لو تعرفوني أطعمتموني.