المدينة تنفي خبثها

((فَأَبَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)): رفض النبي - صلى الله عليه وسلم - إقالته؛ لأنه لا يريد إعانته على المنكر. ((فَخَرَجَ الأَعْرَابِي)): أي من المدينة راجعًا إلى البدو. ((تَنْفِي خَبَثَهَا)): أي تخرج خبثها. من فوائد الأحاديث: الفائدة الأولى: الأحاديث فيها فضيلتان تضافان لفضائل المدينة السابقة، وهما: الأولى: ثناء النبي - صلى الله عليه وسلم - عليها بأن منها بدأت الفتوحات وإليها جلبت الغنائم والخيرات، وأسماها طيبة، وأخبر أن الله تعالى أسماها طابة. والثانية: أن المدينة تنفي كل صاحب خبث عنها، ولا يبقى فيها إلا طيب, واختلف متى يكون هذا، على قولين: قيل: إن هذا زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - واختاره القاضي عياض رحمه الله. باب: المدينة تنفي الخبث - كتاب فضائل المدينة - نورة. واستدلوا بقصة الأعرابي التي في الباب؛ لأنه لم يصبر على الهجرة إلى المدينة والمقام مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من ثبت. وقيل: إن هذا يكون في آخر الزمان، واختاره النووي رحمه الله، واستدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( لاَ تَقُومُ السَّاعةُ حَتَّى تَنْفِيَ الْمَدِينَةُ شِرَارَهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ))؛ رواه مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وسيأتي بعد حديثين.

  1. باب: المدينة تنفي الخبث - كتاب فضائل المدينة - نورة
  2. علامات الساعة الصغرى “نفي المدينة لشرارها ثم خرابها آخر الزمان” – e3arabi – إي عربي

باب: المدينة تنفي الخبث - كتاب فضائل المدينة - نورة

سابعا: أن في المدينة الروضة الشريفة التي لها فضل: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي» [7]. ثامنا: أن المدينة تنفي خبثها وشرها: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن أعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا محمد أقلني بيعتي، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي، فأبى، ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي فأبى، فخرج الأعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما المدينة كالكير، تنفي خبثها ويَنْصَعُ طَيِّبُهَا » [8]. علامات الساعة الصغرى “نفي المدينة لشرارها ثم خرابها آخر الزمان” – e3arabi – إي عربي. تاسعا: أن من أراد أهل المدينة بسوء أهلكه الله: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أراد أهل المدينة بسوء، أذابه الله كما يذوب الملح في الماء» [9]. الخاتمة: وفي الختام أحمد الله تعالى الذي وفقني في هذا المقال الذي تناولت فيه ما ورد في فضل المَدِينَة النَّبَويَّة من أَحَادِيث صحيحة ، ولم يكن قصدي استقصاء كل الأحاديث في فضلها؛ إذ الأمر يطول؛ ولكن اقتصرت على بعض منها للتذكير لا غير.

علامات الساعة الصغرى “نفي المدينة لشرارها ثم خرابها آخر الزمان” – E3Arabi – إي عربي

لا تقوم الساعة حتى تنفى المدينة شرارها كما ينفى الكير خبث الحديد) رواه مسلم. في هذا الحديث تشبيه حسن لأن الكير بشدة نفخه ينفي عن النار السخام والدخان والرماد حتى لا يبقى إلا الخالص منه، والمدينة كذلك تنفي شرار الناس عنها إلى يوم القيامة، وهذا خاص بمن خرج منها كارها لها، وراغبا في عدم الإقامة بها في وقته كحال الأعرابي، أو بعده، وأما من خرج منها لغير ذلك، كما فعل ذلك جماعة من خيار الصحابة وقطنوا غيرها وماتوا خارجًا عنها، لمقاصد صحيحة كنشر العلم وفتح بلاد الشرك والمرابطة في الثغور وجهاد الأعداء وهم مع ذلك على اعتقاد فضل المدينة وفضل سكناها، فهؤلاء لا ينطبق عليهم مثل هذه الأحاديث. وإنما رفض النبي صلى الله عليه وسلم إقالة الأعرابي في سبب ورود الحديث، لأنه كان على الناس في ذلك الوقت إذا أسلموا أن ينتقلوا إلى المدينة إذ لم يكن للإسلام في ذلك الوقت دار غيرها، وكان بقاء من بقي في دار الكفر مسلما حراما عليه إذا قدر على الهجرة وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أنا بريء من كل مسلم مقيم في دار الشرك. قاله ابن عبد البر. وبعيدا عن وجوب الإقامة بالمدينة في زمنه صلى الله عليه وسلم قبل الفتح، فإنه قد ورد الحث على سكناها، والرغبة في الإقامة بها، والصبر على لأوائها ، فعن أبي سعيد رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم: ( لا يصبر أحد على لأوائها فيموت إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة إذا كان مسلما) رواه مسلم.

[ش (محموما) من الحمى وهي المرض مع السخونة. (أقلني) من الإقالة وهي فسخ ما أبرم من عقد أو عهد. (تنفي خبثها) تخرج أشرار الناس منها. (ينصع طيبها) من النصوع وهو الخلوص، والناصع الخالص، والمعنى: يطيب هواؤها وينظف لمن رغب بالسكنى فيها] [ش أخرجه مسلم في أوائل صفات المنافقين وأحكامهم، رقم: 2776. (ناس) هم عبد الله بن أبي ابن سلول ومن معه من المنافقين وهو رأسهم. (نقتلهم) نقتل الذين رجعوا، لأن رجوعهم أثبت نفاقهم. (فئتين) تفرقتم إلى فرقتين. /النساء: 88/. (تنفي الرجال) تظهرهم وتميزهم وتخرج الأشرار من بينهم]. [ش أخرجه مسلم في الحج، باب: فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة، رقم: 1369. (البركة) كثرة الخير، والمراد البركة الدنيوية في سعة الرزق وهناءة العيش].