التوفيق لقبول الحق والعمل به - ذاكرتي

إن إعلاء كلمة الحق وإبطال كلمة الباطل كان من أهداف خير البشر محمد عليه صلوات ربي، وإن ساد الحق في المجتمعات التي نعيش بها سادة السعادة والتوفيق، والتالي إجابة السؤال: السؤال: التوفيق لقبول الحق والعمل به؟ الإجابة: هداية التوفيق والإلهام

التوفيق لقبول الحق والعمل با ما

- أنَّ حالهم في المبادرة بالتكذيب - مع الجهل - قبل التأمل، أعجب بكثير مِن أصل التكذيب؛ وذلك أنهم بادروا إلى التكذيب دون نظر في أدلة صحته - المشار إليها - ومدى قربه مِن الحق أو بعده عنه! فنعوذ بالله سبحانه كيف يصنع الجهل بأهله؟! ومما يدل على ذلك - أيضًا - قول الله عز وجل: ﴿ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ ﴾ [الأحقاف: 11]. والمعنى: أنهم لما لم يهتدوا بالقرآن - على أحد أوجه التفسير في الآية - كما اهتدى به أهل الإيمان؛ والمانع هو جهلهم، قالوا عنه: إنه كذب متقادم، مأثور عن الناس الأقدمين، فينتقصون القرآن بهذا، وهو على نحو قول من قال: ﴿ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ﴾ [الأنعام: 25]، فقدحوا فيه بأنه كذب، مع أنه الحق الذي لا شك فيه، ولا امتراء يعتريه، ولا سبب لذلك إلا جهلُهم، وعدم اهتدائهم للحق بسببه. وهذه المقولة في الحقيقة منهم شِنْشِنَةٌ نعرِفُها مِن أَخْزَمَ [10]! ناشئة عن جهل مركب، كما أنها شنشنة قديمة، وسجية متأصِّلة فيهم، ومعروفة في أسلافهم مع كل مَن جاءهم بالحق، وهي شنشنةُ مَن لا يجد حجَّة، فيعمد إلى التشغيب، واختلاقه بارد الأعذار، فيتعاطون مع الأمور - التي فيها خلاصهم ونجاتهم - بجهل؛ ليصل بهم في نهاية المطاف إلى الجهل، ولا تدري ﴿ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴾ [الذاريات: 53].

الأسباب المانعة من قبول الحق والعمل به: وهنا نبلغ المقصود، ونصل إلى ما أردنا بيانه من موانع قبول الحق، وبالتالي الأخذ به، وهي - أي الموانع - كثيرة ومتنوعة، ولذلك رأيتُ أنْ أذكرها في جملة مِن السلاسل والحلقات، وأشير إلى كل واحد منها في حلقة مستقلة، فأستعين بالله عز وجل وأقول: المانع الأول: الجهل به: يقول ابن القيم رحمه الله: "وهذا السبب هو الغالب على أكثر النفوس" [9]. يقول الله عز وجل: ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ ﴾ [يونس: 39]؛ فتأمل كيف أخبر الله عز وجل أنهم كذَّبوا بما لم يحيطوا بعلمه مِن وعيد الله عز وجل لهم بالعذاب - على أحد أوجه التفسير - ولمَّا يأتهم بعدُ ما يؤول إليه الوعيد، ولو أنهم رأوا العذاب ما كذَّبوا، فكان جهلهم - كما ترى - عقبةً كؤودًا أمام بلوغ قلوبهم للحق وقبولهم له، ودفَعَهم هذا الجهلُ للتكذيب. وحتى نتصور معًا عِظَم مصيبة الجهل وحيلولته دون بلوغ الحق، ومِن ثَمَّ قبوله والعمل به بعد ذلك، فلنتأمل معًا كيف شرع الله عز وجل بقوله: ﴿ بَلْ ﴾ [يونس: 39] التي هي في مِثْل هذا المقام للإضراب الانتقالي؛ ليبين كُنْهَ تكذيبهم وحقيقته المبني على الجهل، وأنه مِن أعجب أنواع التكذيب؛ إذ هو لا يستند بحال إلى شيء، بل مما يزيد الأمرَ خطورة - ولا أقول: غرابة!