واصبح فؤاد ام موسى فارغا

⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا﴾ قال: فارغا من الوحي الذي أوحى الله إليها حين أمرها أن تلقيه في البحر، ولا تخاف ولا تحزن، قال: فجاءها الشيطان، فقال: يا أمّ موسى، كرهت أن يقتل فرعون موسى، فيكون لك أجره وثوابه، وتولَّيت قتله، فألقيتيه في البحر وغرقتيه، فقال الله: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا﴾ من الوحي الذي أوحاه إليها. ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، قال: ثني الحسن، قال: أصبح فارغا من العهد الذي عهدنا إليها، والوعد الذي وعدناها أن نردَّ عليها ابنها، فنسيت ذلك كله، حتى كادت أن تُبْدِي به لولا أن ربطنا على قلبها. ⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: قال ابن إسحاق: قد كانت أمّ موسى ترفع له حين قذفته في البحر، هل تسمع له بذكر؟ حتى أتاها الخبر بأن فرعون أصاب الغداة صبيا في النيل في التابوت، فعرفت الصفة، ورأت أنه وقع في يدي عدوّه الذي فرّت به منه، وأصبح فؤادها فارغا من عهد الله إليها فيه، قد أنساها عظيم البلاء ما كان من العهد عندها من الله فيه. إسلام ويب - تفسير البغوي - سورة القصص - تفسير قوله تعالى " وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين "- الجزء رقم6. وقال بعض أهل المعرفة بكلام العرب: معنى ذلك: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا﴾ من الحزن، لعلمها بأنه لم يغرق.

إعراب قوله تعالى: وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا الآية 10 سورة القصص

حدثنا القاسم ، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن أبي بكر بن عبد الله ، قال: ثني الحسن ، قال: أصبح فارغا من العهد الذي عهدنا إليها ، والوعد الذي وعدناها أن نرد عليها ابنها ، فنسيت ذلك كله ، حتى كادت أن تبدي به لولا أن ربطنا على قلبها. حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا سلمة ، قال: قال ابن إسحاق: قد كانت أم موسى ترفع له حين قذفته في البحر ، هل تسمع له بذكر ؟ حتى أتاها الخبر بأن فرعون أصاب الغداة صبيا في النيل في التابوت ، فعرفت الصفة ، ورأت أنه وقع في يدي عدوه الذي فرت به منه ، وأصبح فؤادها فارغا من عهد الله إليها فيه ، قد أنساها عظيم البلاء ما كان من العهد عندها من الله فيه. الآيات 7-10 | هدى القرآن. وقال بعض أهل المعرفة بكلام العرب: معنى ذلك: ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا) من الحزن ، لعلمها بأنه لم يغرق. قال: وهو من قولهم: دم فرغ أي لا قود ولا دية; وهذا قول لا معنى له; لخلافه قول جميع أهل التأويل. قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي ، قول من قال: معناه: ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا) من كل شيء ، إلا من هم موسى. وإنما قلنا: ذلك أولى الأقوال فيه بالصواب; لدلالة قوله: ( إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها) ولو كان عنى بذلك: فراغ قلبها من الوحي ، لم يعقب [ ص: 529] بقوله: ( إن كادت لتبدي به) لأنها إن كانت قاربت أن تبدي الوحي ، فلم تكد أن تبديه إلا لكثرة ذكرها إياه ، وولوعها به.

الآيات 7-10 | هدى القرآن

وهذا المحمل يساعده أيضا ما شاع من قولهم: فلان خلي البال: إذا كان لا هم بقلبه. وهو تفسير أبي عبيدة ، والأخفش ، والكسائي ، وهذا أحسن ما فسرت به وهو من معنى الثناء عليها بثباتها. وعن ابن عباس من طرق شتى أنه قال: فارغا من كل شيء إلا ذكر موسى. وفي هذا شيء من رباطة جاشها إذ فرغ لبها من كل خاطر يخطر في شأن موسى. وأما زيادة ما أداه الاستثناء بقوله: إلا ذكر موسى ، فلعله انتزعه من قوله إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها وإلا فليس في الآية ما يؤذن بذلك الاستثناء. وهذا التفسير يقتضي الجمع بين الثناء عليها بحسن ثقتها بالله والإشارة إلى ضعف الأمومة بالتشوق إلى ولدها وإن كانت عالمة بأنه يتقلب في أحوال صالحة به وبها. وأما الأقوال الراجعة إلى الناحية الثانية فقال ابن عطية ، والقرطبي ، عن ابن القاسم ، عن مالك: الفراغ هو ذهاب العقل. إعراب قوله تعالى: وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا الآية 10 سورة القصص. قال ابن عطية: هو كقوله تعالى وأفئدتهم هواء أي لا عقول فيها. وفي الكشاف: أي لما سمعت بوقوعه في يد فرعون طار عقلها لما دهمها من فرط الجزع. وقال ابن زيد ، والحسن ، وابن إسحاق: أصبح فارغا من تذكر الوعد الذي وعدها الله إذ خامرها خاطر شيطاني فقالت في نفسها: إني خفت عليه من القتل فألقيته بيدي في يد العدو الذي أمر بقتله.

إسلام ويب - تفسير البغوي - سورة القصص - تفسير قوله تعالى " وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين "- الجزء رقم6

وجملة { إن كادت لتُبدي به لولا أن ربطنا على قلبها} تكون بالنسبة للتفسير الأول استئنافاً بيانياً لما اقتضاه فعل { أصبح} من أنها كانت على حالة غير حالة فراغ فبينت بأنها كانت تقارب أن تظهر أمر ابنها من شدة الاضطراب فإن الاضطراب ينم بها. فالمعنى: أصبح فؤادها فارغاً ، وكادت قبل ذلك أن تبدي خبر موسى في مدة إرضاعه من شدة الهلع والإشفاق عليه أن يقتل. وعلى تفسير ابن عباس تكون جملة { إن كادت} بمنزلة عطف البيان على معنى { فارغاً}. وهي دليل على الاستثناء المحذوف. فالتقدير: فارغاً إلا من ذكر موسى فكادت تظهر ذكر موسى وتنطق باسمه من كثرة تردد ذكره في نفسها. وأما على الأقوال الراجعة إلى الناحية الثانية فجملة { إن كادت لتبدي به} بيان لجملة: { وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً} ، أي كادت لتُبْدي أمر موسى من قلة ثبات فؤادها. وعن مجاهد: لما رأت الأمواج حملت التابوت كادت أن تصيح. والباء في { به} إما لتأكيد لصوق المفعول بفعله والأصل: لتبديه ، وإما لتضمين ( تبدي) معنى ( تبوح) وهو أحسن و { إن} مخففة من الثقيلة. واللام في { لتبدي} فارقة بين { إن} المخففة و ( إن) النافية. والربط على القلب: توثيقه عن أن يضعف كما يشد العضو الوهن ، أي ربطنا على قلبها بخلق الصبر فيه.

وعَنْ مُجاهِدٍ: لَمّا رَأتِ الأمْواجَ حَمَلَتِ التّابُوتَ كادَتِ أنْ تَصِيحَ. والباءُ في بِهِ إمّا لِتَأْكِيدِ لُصُوقِ المَفْعُولِ بِفِعْلِهِ، والأصْلُ: لَتُبْدِيهُ، وإمّا لِتَضْمِينِ تُبْدِي مَعْنى (تَبُوحُ) وهو أحْسَنُ وإنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ. واللّامُ في لَتُبْدِي فارِقَةٌ بَيْنَ "إنِ" المُخَفَّفَةِ و"إنِ" النّافِيَةِ. والرَّبْطُ عَلى القَلْبِ: تَوْثِيقُهُ عَنْ أنْ يَضْعُفَ كَما يُشَدُّ العُضْوُ الوَهِنُ، أيْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها بِخَلْقِ الصَّبْرِ فِيهِ. وجَوابُ "لَوْلا" هو جُمْلَةُ ﴿إنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾. والمُرادُ بِالمُؤْمِنِينَ: المُصَدِّقُونَ بِوَعْدِ اللَّهِ، أيْ لَوْلا أنْ ذَكَّرْناها ما وعَدْناها فاطْمَأنَّ فُؤادُها. فالإيمانُ هُنا مُسْتَعْمَلٌ في مَعْناهُ اللُّغَوِيِّ دُونَ الشَّرْعِيِّ؛ لِأنَّها كانَتْ مِنَ المُؤْمِنِينَ مِن قَبْلُ، أوْ أُرِيدَ مِن كامِلاتِ المُؤْمِنِينَ. واللّامُ لِلتَّعْلِيلِ، أيْ لِتُحْرِزَ رُتْبَةَ المُؤْمِنِينَ بِأمْرِ اللَّهِ الَّذِينَ لا يَتَطَرَّقُهُمُ الشَّكُّ فِيما يَأْتِيهِمْ مِنَ الوارِداتِ الإلَهِيَّةِ.

وقال بعضهم: بل معنى ذلك ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي﴾ بموسى فتقول: هو ابني. قال: وذلك أن صدرها ضاق إذ نُسب إلى فرعون، وقيل: ابن فرعون. وعنى بقوله: ﴿لتُبْدِي بِهِ﴾ لتظهره وتخبر به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ⁕ حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾: لتشعر به. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ قال: لتعلن بأمره لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين. وقوله: ﴿لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ يقول: لولا أن عصمناها من ذلك بتثبيتناها وتوفيقناها للسكوت عنه. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قال: قال الله ﴿لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾: أي بالإيمان ﴿لَِتكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾. ⁕ حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: كادت تقول: هو ابني، فعصمها الله، فذلك قول الله: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾. وقوله: ﴿لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يقول تعالى ذكره: عصمناها من إظهار ذلك وقيله بلسانها، وثبتناها للعهد الذي عهدنا إليها ﴿لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ بوعد الله، الموقنين به.