كذلك تقدَّمت وسائل الريِّ في عهده بشكل كبير، وتمَّ رصف الشوارع وإنارتها ليلاً في هذا العمق القديم جدًّا في التاريخ، في الوقت الذي كانت فيه أوربا تعيش في جهلٍ وظلام دامس، كما أقام القصور المختلفة والحدائق الغنَّاء، وتوسَّع في ناحية المعمار حتى كانت المباني الأندلسية آية في المعمار في عهده –رحمه الله [11]. ثالثًا: وقف غزوات النورمان النورمان هم أهل إسكندنافيا، وهي بلاد تضمُّ الدانمارك والنرويج وفنلندا والسويد، وقد كانت هذه البلاد تعيش في همجية مطلقة؛ فقد كانوا يعيشون على ما يُسَمَّى بحرب العصابات، فقاموا بغزوات عُرِفَت باسم «غزوات الفايكنج»، وهي غزوات إغارة على أماكن متفرِّقة من بلاد العالم، ليس لها من هَمٍّ إلاَّ جمع المال وهَدْم الديار. جهاد عبد الرحمن الأوسط في عهد عبد الرحمن الأوسط سنة (230هـ=845م) هجمت هذه القبائل على إِشْبِيلِيَة من طريق البحر في أربع وخمسين سفينة، ودخلوها فأفسدوا فسادًا كبيرًا، ودمَّروا إِشْبِيلِيَة تمامًا، ونهبوا ثرواتها، وهتكوا أعراضها، ثم تركوها إلى شَذُونة وألمَرِيَّة ومُرْسِيَة وغيرها من البلاد فأشاعوا الرعب، وعمَّ الفزع [12] ، وهذه هي طبيعة الحروب المادية بصفة عامَّة، وشتَّان بين المسلمين في فتحهم للبلاد وبين غيرهم في معاركهم!
وتكونت إمارة ثالثة انفصلت عن مملكة ليون وهي: إمارة نافار، وفي بعض الكتب العربية تكتب نبارة، وهي الآن ما يعرف في أسبانيا بإقليم الباسك الذي فيه خلافات كثيرة، ومحاولة الانشقاق عن أسبانيا الآن. هذه الثلاث الممالك النصرانية اجترأت كثيراً على البلاد الإسلامية، فقد كانت تخاف المسلمين في عهد الإمارة الأموية الأول، أما بعد ذلك فقد بدأت تهاجم شمال الأندلس، وبدأت تسيطر على بعض البلاد الإسلامية، بل وبدأت تقتل من المسلمين المدنيين في هذه المدن الشمالية في بلاد الأندلس.