أرأيت الذي يكذب بالدين

والقول الثاني: أنه عام لكل من كان مكذبا بيوم الدين ، وذلك لأن إقدام الإنسان على الطاعات وإحجامه عن المحظورات إنما يكون للرغبة في الثواب والرهبة عن العقاب ، فإذا كان منكرا للقيامة لم يترك شيئا من المشتهيات واللذات ، فثبت أن إنكار القيامة كالأصل لجميع أنواع الكفر والمعاصي. المسألة الرابعة: في تفسير الدين وجوه: أحدها: أن يكون المراد من يكذب بنفس الدين والإسلام إما لأنه كان منكرا للصانع ، أو لأنه كان منكرا للنبوة ، أو لأنه كان منكرا للمعاد أو لشيء من الشرائع ، فإن قيل: كيف يمكن حمله على هذا الوجه ، ولا بد وأن يكون لكل أحد دين ؟ والجواب: من وجوه: أحدها: أن الدين المطلق في اصطلاح أهل الإسلام والقرآن هو الإسلام قال الله تعالى: ( إن الدين عند الله الإسلام) [ آل عمران: 19] أما سائر المذاهب فلا تسمى دينا إلا بضرب من التقييد كدين النصارى واليهود. وثانيها: أن يقال: هذه المقالات الباطلة ليست بدين ، لأن الدين هو الخضوع لله وهذه المذاهب إنما هي خضوع للشهوة أو للشبهة. وثالثها: وهو قول أكثر المفسرين: أن المراد أرأيت الذي يكذب بالحساب والجزاء ، قالوا: وحمله على هذا الوجه أولى لأن من ينكر الإسلام قد يأتي بالأفعال الحميدة ويحترز عن مقابحها إذا كان مقرا بالقيامة والبعث ، أما المقدم على كل قبيح من غير مبالاة فليس هو إلا المنكر للبعث والقيامة.

إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة الماعون - قوله تعالى أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم - الجزء رقم31

تاريخ النشر: الأحد 12 جمادى الأولى 1439 هـ - 28-1-2018 م التقييم: رقم الفتوى: 369679 13536 0 102 السؤال أريد أن أسأل عن سورة الماعون، ورد فيها قول الله سبحانه: أرأيت الذي يكذب بالدين. فذلك الذي يدع اليتيم. السؤال: هل كل شخص كذب بالدين، يدع اليتيم؟ خاصة وأننا نرى كفارا يهتمون باليتامى ويطعمون الفقراء؟ كيف نوفق بين ما ورد في السورة، وبين الواقع؟ الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فليس معنى الآية على ما ظننت، من أن كل مكذب بيوم الدين، لا بد أن يكون متصفا بهذه الصفات، وإنما المراد -والله تعالى أعلم- أن من شأن المكذب بيوم الدين، ومن العلامات التي يعرف بها كونه يفعل هذه الأفعال القبيحة؛ لأنه لا يرجو ثوابا، ولا يخاف عقابا. قال الألوسي في تفسيره روح المعاني: وهذه الجملة: (يعني جملة: ولا يحض) عطف على جملة الصلة، داخلة معها في حيّز التعريف للمكذب، فيكون سبحانه وتعالى قد جعل علامته الإقدام على إيذاء الضعيف، وعدم بذل المعروف، على معنى أن ذلك من شأنه ولوازم جنسه. انتهى. وقال النسفي في تفسيره مدارك التنزيل وحقائق التأويل: {أرأيت الذى يُكَذّبُ بالدين} أي هل عرفت الذي يكذب بالجزاء من هو؟ إن لم تعرفه {فَذَلِكَ الذي} يكذب بالجزاء، هو الذي {يَدُعُّ اليتيم} أي يدفعه دفعاً عنيفاً بجفوة وأذى، ويرده رداً قبيحاً بزجر وخشونة.

أرأيت الذي يكذب بالدين تفسير حيث أن علم التفسير هو علم نزول آيات القرآن الكريم، وما يتعلق بها وشؤونها، وأسباب نزولها، وقصصها، وتبين ما هو مدني النزول منها، وما هو مكي، مع معرفة الناسخ والمنسوخ منها، وتوضيح المجمل والمطلق والمفسر والعام، ومعرفة المتشابهات، وترتيب السور من حيث النزول، ومن حيث وجودها في المصحف الشريف، لذلك لعلم التفسير مكانة عظيمة في المجتمع الإسلامي. أرأيت الذي يكذب بالدين تفسير إن آية "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ" استفهام تعجبي، حيث قال الله سبحانه وتعالى في سورة الماعون: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُون" جاءت تلك السورة الكريمة لكي تبين الأفعال والصفات والأخلاق الذميمة، والنوايا السيئة المليئة بالشرور للمكذبين بالله تعالى، ودينه عز وجل، ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. كما تم تبين أيضًا جحودهم لنعم الله تعالى وآلاءه، وتوضيح قسوة قلوبهم، والنفاق والرياء في أعمالهم، كما أن الله عز وجل توعدهم بالعقاب وبالعذاب الأليم يوم الحساب، كما أن المقصود من قول الله عز وجل في قوله: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ" هو الاستفهام والتعجب من رؤيتهم ومعرفتهم لخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى الرغم من ذلك ينكرون يوم القيامة وينكرون البعث والحساب.