والأجل أجلان: " أجل مطلق " يعلمه الله " ، وأجل مقيد " ؛ وبهذا يتبين معنى قوله صلى الله عليه وسلم (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) فإن الله أمر الملك أن يكتب له أجلا وقال: " إن وصل رحمه زدته كذا وكذا " والملك لا يعلم أيزداد أم لا ، لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر ، فإذا جاء ذلك لا يتقدم ولا يتأخر. ولو لم يُقتل المقتول: فقد قال بعض القدرية: إنه كان يعيش! وقال بعض نفاة الأسباب: إنه يموت!
الحمد لله. خلق الله تعالى الخلق وقضى لهم آجالهم في ساعة معينة ، وقد أعلم الله تعالى الملَك الذي يأتي الجنين في بطن أمه بهذا الأجل ، فإذا جاء أجلهم – بموت طبيعي أو مرض أو قتل أو حادث – فإنه لا يتقدم عن الموعد ولا يتأخر ، وفي تلك الكتابة الكونية التي لا تتغير قطع على تعلق الناس بغير الله في زيادة عمر أحدٍ أو إنقاصه ، وليس الذي حافظ على صحته قد أطال عمر نفسه ، بل الله تعالى قدَّر له ذلك ، وليس الذي قتلَ أحداً قد أنقص عمر ذلك المقتول ، بل الله تعالى قدَّر ذلك أزلاً ، ويُحاسب القاتل على تعديه على الحكم الشرعي إن كان قتَل بغير حق. اذا جاء اجلهم لا يستقدمون ساعة. وقالت المعتزلة – وهي من فرق الضلال -: إن الإنسان لو لم يمت بالقتل أو المرض لطال عمره! وهذا باطل ليس عليه دليل من كتاب ولا سنَّة ، ولا هو قول أحد من أهل السنَّة ، بل قد قدَّر الله أجل كل أحد من خلقه وقدَّر السبب الذي ينتهي به أجله ، وهو أجل واحد ، وهو معلوم لله تعالى ، وقد أعلمه ملائكته التي أمرها بكتابة أجل الإنسان في بطن أمه. قال الشيخ ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: " الله سبحانه وتعالى قدَّر آجال الخلائق بحيث إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ، قال تعالى ( فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) الأعراف/ 34 والنحل/ 61 ، وقال تعالى ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا) آل عمْران/ 145.