وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه

لم تكن دعوى وانتهت إن ادِّعاء أن لله ولدًا لم تكن دعوى في قرون سابقة وانتهت، بل هي موجودة في كل وقت وحين، فمشركو العرب زعموا أن الملائكة بنات الله، وقالت اليهود عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، -تعالى- الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا، يكاد أن ينتفض الكون كله حينما يقال: إن لله ولدًا، كاد الكون أن يخرب ويحل به الدمار لما قال الكافرون إن الله اتَّخذ ولدًا.

وقالوا اتخذ الله ولدا || تلاوة عطرة من سورة مريم - Youtube

وكذا رواه الإمام أحمد ، عن حسن بن موسى ، عن ابن لهيعة ، عن دراج بإسناده ، مثله. ولكن هذا الإسناد ضعيف لا يعتمد عليه. ورفع هذا الحديث منكر ، وقد يكون من كلام الصحابي أو من دونه ، والله أعلم. وكثيرا ما يأتي بهذا الإسناد تفاسير فيها نكارة ، فلا يغتر بها ، فإن السند ضعيف ، والله أعلم.

(18) من آية 88 إلى آية 95 - مجالس في تدبر سورة مريم - أيمن الشعبان - طريق الإسلام

الثانية: وفي هذه الآية دليل على أنه لا يجوز أن يكون الولد مملوكا للوالد ، خلافا لمن قال: إنه يشتريه فيملكه ولا يعتق عليه إلا إذا أعتقه ، وقد أبان الله تعالى المنافاة بين الأولاد والملك فإذا ملك الوالد ولده بنوع من التصرفات عتق عليه. (18) من آية 88 إلى آية 95 - مجالس في تدبر سورة مريم - أيمن الشعبان - طريق الإسلام. ووجه الدليل عليه من هذه الآية أن الله تعالى جعل الولدية والعبدية في طرفي تقابل فنفى أحدهما وأثبت الآخر ولو اجتمعا لما كان لهذا القول فائدة يقع الاحتجاج بها وفي الحديث الصحيح لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه أخرجه مسلم فإذا لم يملك الأب ابنه مع مرتبته عليه فالابن بعدم ملك الأب أولى لقصوره عنه. الثالثة: ذهب إسحاق بن راهويه في تأويل قوله - عليه الصلاة والسلام -: من أعتق شركا له في عبد أن المراد به ذكور العبيد دون إناثهم فلا يكمل على من أعتق شركا في أنثى وهو [ ص: 81] على خلاف ما ذهب إليه الجمهور من السلف ومن بعدهم فإنهم لم يفرقوا بين الذكر والأنثى ؛ لأن لفظ العبد يراد به الجنس ، كما قال تعالى: إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا فإنه قد يتناول الذكر والأنثى من العبد قطعا ، وتمسك إسحاق بأنه حكي عبدة في المؤنث. الرابعة: روى البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يقول الله تبارك وتعالى كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله: ليس يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته ، وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا ، وأنا الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن لي كفوا أحد وقد تقدم في ( البقرة) وغيرها وإعادته في مثل هذا الموضع حسن جدا.

ويستفاد من الآيتين: اولا: شمول حكم ا لعبادة لجميع المخلوقات مما في السماوات والأرض. وثانيا: ان فعله تعالى غير تدريجي، ويستدرج من هنا، ان كل موجود تدريجي فله وجه غير تدريجي، به يصدر عنه تعالى كما قال تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) يس - 82، وقال تعالى: (وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر) القمر - 50، وتفصيل القول في هذه الحقيقة القرآنية، سيأتي إنشاء الله في ذيل قوله: (إنما أمره إذا أراد شيئا) يس - 82، فانتظر. (٢٦١) الذهاب إلى صفحة: «« «... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266... » »»