ملوك بني العباس في الكتب سبعة

وفيها تحول المعتصم من بغداد وبنى سر من رأى وذلك أنه اعتنى باقتناء الترك فبعث الى سمرقند وفرغانة والنواحي في شرائهم وبذل فيهم الأموال وألبسهم أنواع الديباج ومناطق الذهب فكانوا يطردون خيلهم في بغداد ويؤذون الناس وضاقت بهم البلد فاجتمع اليه أهل بغداد وقالوا: إن لم تخرج عنا بجندك حاربناك ، قال: وكيف تحاربونني ؟ قالوا: بسهام الأسحار ، قال: لا طاقة لي بذلك ، فكان ذلك سبب بنائه ( سر من رأى) وتحوله اليها.

  1. كتب فهارس المنتظم في تاريخ الملوك والأمم - مكتبة نور

كتب فهارس المنتظم في تاريخ الملوك والأمم - مكتبة نور

وقال غيره يقال: إنه من ولد بديل بن ورقاء الصحابي. ولد سنة ثمان وأربعين ومِئَة وأصله من الكوفة وتعاطى في أول أمره الأدب حتى مهر فيه وقال الشعر الفائق. وله رواية عن مالك وشريك والواقدي والمأمون وعلي بن موسى الرضا ويقال: إن له رواية عن شعبة والثوري. وروى عنه أخوه علي بن علي، ومُحمد بن موسى الترمذي وأحمد بن أبي دؤاد، وَغيرهم. وقال ابن خلكان: كان شاعرا مجيدا إلا أنه كان بذيء اللسان مولعا بالهجو هجا الخلفاء فمن دونهم وطال عمره فكان يقول: لي ثلاثون سنة أحمل خشبة على كتفي ما أجد من يصلبني عليها. وذكر ابن المعتز عن الترمذي قال: قيل لابن الزيات: لما لا تجيب دعبلا عن القصيدة التي هجاك بها؟ فقال: وكل من قال خشبتي علي يبالي ما قال، أو قيل له: وهو القائل: لا تعجبي يا سلم من رجل... ضحك المشيب برأسه فبكى. وقال في السلو: غششت الهوى حتى تداعت أصوله... بنا وابتذلت الوصل حتى تقطعا. وهبك يميني استأكلت فقطعتها... وصبرت قلبي بعدها فتشجعا. وقال في المدح: كل الندى إلا نداك تكلف... لم أرض غيرك كائنا من كانا. أصلحتني بالبر بل أفسدتني... وتركتني أتسخط الإحسانا وقوله في مدح أهل البيت من قصيدة: إن اليسير بحب آل محمد... أزكى وأنفع لي من القينات.

متى كنت خاملاً، وقد نشأت في حجر الخلفاء؟ ولم يعاقبه. وقيل للمأمون إن دعبل بن علي قد هجاك فقال وأي عجب في ذاك! هو يهجو أبا عباد ولا يهجوني أنا، ومن أقدم على جنون أبي عباد، أقدم على حلمي. ثم قال للجلساء من كان منكم يحفظ شعره في أبي عباد فلينشدنيه؛ فأنشده بعضهم: أولى الأمور بضيعة وفساد أمر يدبره أبوعبادِ أما الخليفة العباسي الذي هجاه دعبل هجاء مراً فهو المعتصم.