والشعراء يتبعهم الغاوون

وقال آخرون: بل ذلك في شعرهم. حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله: ( وذكروا الله كثيرا) قال: ذكروا الله في شعرهم. قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله وصف هؤلاء الذين استثناهم من شعراء المؤمنين بذكر الله كثيرا ، ولم يخص ذكرهم الله على حال دون حال في كتابه ، ولا على لسان رسوله ، فصفتهم أنهم يذكرون الله كثيرا في كل أحوالهم. وقوله: ( وانتصروا من بعد ما ظلموا) يقول: وانتصروا ممن هجاهم من شعراء المشركين ظلما بشعرهم وهجائهم إياهم ، وإجابتهم عما هجوهم به. [ ص: 420] وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل. وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ - ملتقى أهل التفسير. حدثني علي ، قال: ثنا عبد الله ، قال: ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس: ( وانتصروا من بعد ما ظلموا) قال: يردون على الكفار الذين كانوا يهجون المؤمنين. حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله: وانتصروا من المشركين ( من بعد ما ظلموا). وقيل: عني بذلك كله الرهط الذين ذكرت. حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا علي بن مجاهد وإبراهيم بن المختار ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن أبي الحسن سالم البراد مولى تميم الداري ، قال: لما نزلت: ( والشعراء يتبعهم الغاوون) جاء حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة ، وكعب بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهم يبكون ، فقالوا: قد علم الله حين أنزل هذه الآية أنا شعراء ، فتلا النبي صلى الله عليه وسلم: ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا).

وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ - ملتقى أهل التفسير

حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله: ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) قال: وسيعلم الذين ظلموا من المشركين أي منقلب ينقلبون. آخر تفسير سورة الشعراء

وذكر الزبير بن بكار قال: حدثني مصعب بن عثمان أن عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة لم يكن له هم إلا عمر بن أبي ربيعة والأحوص فكتب إلى عامله على المدينة: إني قد عرفت عمر والأحوص بالشر والخبث فإذا أتاك كتابي هذا فاشدد عليهما واحملهما إلي. فلما أتاه الكتاب حملهما إليه, فأقبل على عمر, فقال: هيه! فلم أر كالتجمير منظر ناظر ** ولا كليالي الحج أفلتن ذا هوى وكم مالئ عينيه من شيء غيره ** إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى أما والله لو اهتممت بحجك لم تنظر إلى شيء غيرك; فإذا لم يفلت الناس منك في هذه الأيام فمتى يفلتون! ثم أمر بنفيه. والشعراء يتبعهم الغاوون تفسير. فقال: يا أمير المؤمنين! أو خير من ذلك ؟ فقال: ما هو ؟ قال: أعاهد الله أني لا أعود إلى مثل هذا الشعر, ولا أذكر النساء في شعر أبدا, وأجدد توبة, فقال: أو تفعل ؟ قال: نعم, فعاهد الله على توبته وخلاه; ثم دعا بالأحوص, فقال هيه! الله بيني وبين قيمها يفر مني بها وأتبع بل الله بين قيمها وبينك! ثم أمر بنفيه; فكلمه فيه رجال من الأنصار فأبى, وقال: والله لا أرده ما كان لي سلطان, فإنه فاسق مجاهر. فهذا حكم الشعر المذموم وحكم صاحبه, فلا يحل سماعه ولا إنشاده في مسجد ولا غيره, كمنثور الكلام القبيح ونحوه.