“محمَّـــد كُــرد علــي” علاّمة الشام .. ومحامي لغة الضــاد – منار الإسلام

وبعد رجوعه إلى دمشق سنة (1328هـ= 1910م) تكررت المضايقات، ورُفعت ضده دعاوى كثيرة، فاضطر لمغادرة دمشق إلى أوروبا، وكانت نفسه قد ضاقت بالعمل السياسي والصحفي الذي استغرق من عمره 20 سنة، قضاها بين الكتب والتقييد والحرمان والخوف والقلق، وعزم على خوض ميادين البحث العلمي والأدبي، فطاف بمكتبات أوروبا الشهيرة في إيطاليا وسويسرا والمجر؛ طلبا لجمع مادة كتابه "خطط الشام" الذي يؤرخ فيه للشام ويدون جغرافيتها وحضارتها. تأسيس المجمع العلمي وبعد قيام الحكومة العربية بدمشق برئاسة الملك فيصل بن الحسين عقب هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، تكونت إدارات مدنية في سوريا، كان من بينها ديوان المعارف الذي كان يقوم بوضع المصطلحات اللغوية وإبدال المفردات العربية بالألفاظ التركية، وتعريب لغة الدواوين التي فشت فيها التركية وتقرير الكتب اللازمة للمدارس، وعُهد برئاسة هذا الديوان إلى محمد كرد علي، يعاونه عدد من كبار علماء سوريا. تحول ذلك الديوان بجهد من رئيسه إلى "المجمع العلمي العربي"، أو ما اشتهر بعد ذلك باسم "مجمع اللغة العربية" للنهوض باللغة العربية وآدابها، وهو أول المجامع اللغوية ظهورا، وقد بذل محمد كرد علي جهدا كبيرا في تكوين هذا الصرح العلمي، ونجح في إبعاده عن التيارات السياسية والحزبية، وأنشأ له مجلة رصينة، صدر العدد الأول منها في (21 من ربيع الآخر سنة 1339هـ= 2 من يناير 1921م)، ونشر له على صفحاتها 41 مقالة أدبية وتاريخية، وفتح قاعة المجمع للجمهور لسماع المحاضرات العامة التي كان يلقيها رجال الأدب والفكر، وكان من نصيب محمد كرد علي منها 62 محاضرة.

محمد كرد على الانترنت

وعند سؤال نائب رئيس مجمع اللغة العربية عن الرأي القائل بأن الجمهور لا يعلم بكل تلك الإنجازات التي يقوم بها المجمع، وكأن هناك هوَّةً ينبغي جَسْرُها بين الطرفين، قال: "أوافق على هذا الرأي. هناك جهودٌ كبيرةٌ في خدمةِ اللغةِ العربيةِ، والجمهورُ أحياناً لا يعرف شيئاً عنها، ولتحقيقِ التلاقي المنشود يستطيع الإعلام أن يلعبَ دوراً كبيراً في التعريفِ بما يُنْجزه المجمع في مجالاتٍ مختلفةٍ، إضافةً إلى أنه ينبغي أن يكون هناك وجودٌ لأعضاءِ المجمع في المراكز الثقافية، والمُنتديات المُختلفة، وفي الإعلام والجامعات، ويجب أن يتمّ الترويج بشكلٍ جيِّدٍ للجهود التي يقوم بها المجمع، أما أن يبقى مُنْغَلِقاً على نفسه، هكذا لن يعرف أحدٌ بإنجازاته".

محمد كرد علي خطط الشام

محمَّد كُرْد عَلي (1293 – 1372 هـ = 1876 – 1953 م) ولد محمد بن عبد الرزاق بن محمَّد، كُرْد علي عام 1876م. تعود أصوله إلى أكراد السليمانية (من أعمال الموصل). تعلم في المدرسة (الرشدية) الاستعدادية بدمشق، ثم أتم تعليمه الثانوي في المدرسة العازرية للراهبات العازريات ب دمشق. تابع تعليمه الابتدائي في مدرسة "كافل سيباي" حيث تعلم القراءة والكتابة ومبادئ العلوم الإسلامية والحساب والطبيعيات، ثم انتقل إلى المدرسة الرشدية (الثانوية)، ودرس بها التركية والفرنسية، حفظ أكثر شعر المتنبي ومقامات الحريري، ثم كانت مفردات المقامات، تضايقه حين يكتب. وتولى تحرير جريدة (الشام) الأسبوعية الحكومية، سنة 1315 – 1318 هـ وكان يلتزم بها السجع في مقالاته. عمل كاتبا في قلم الأمور الأجنبية سنة (1310 هـ= 1892م) وهو في السابعة عشرة. ووالى الكتابة في مجلة المقتطف خمس سنوات، ابتدأت بها شهرته. وزار مصر (سنة 1319 هـ – 1901 م) فتولى تحرير جريدة الرائد المصري عشرة شهور، وعاد إلى دمشق. توقعات بارتفاع أسعار المواد الخام بسبب الجائحة وحرب أوكرانيا. هاجر إلى مصر، فأنشأ مجلة (المقتبس) (سنة 1324 هـ – 1906 م) وقام بتحرير جريدة (الظاهر) ثم التحرير في (المؤيد) اليوميتين. عاد بعد الدستور العثماني (سنة 1908 م) إلى دمشق، فتابع إصدار مجلة (المقتبس).

مذكرات محمد كرد علي

من جانبه؛ قابلَ الحسنةَ بمثلها، وأثرى الحياة الفكرية وخلَقَ مناخاً ثقافياً غير معهود؛ فقد تولَّى رئاسة تحرير جريدة "الرائد المصري"، ثمّ أنشأ مجلة "المقتبس" الثقافية؛ حيث نشر فيها البحوث العلمية والأدبية والتاريخية، بجانب تحريره جريدة "الظاهر" اليومية، كما عمل -أيضًا- بجريدة "المؤيد" التي كانت كبرى الجرائد بالعالَم الإسلامي في ذلك الوقت! إضافة إلى مقالاته المُدويّة التي نشرها في "الأهرام" و"الثقافة" و"الرسالة" و"المُقتطف" و"الهلال"! ليس هذا فحسب؛ فقد ألَّفَ عشرات الكتب التي احتفَت بالحضارة العربية والإسلامية، وله في التاريخ ثلاثة مؤلَّفات رائعة: "غابِر الأندلس وحاضرها"، "خطط الشام"، "غوطة دمشق". محمد كرد على الانترنت. كما ترجم بعض الكتب عن الفرنسية مثل كتاب "تاريخ الحضارة"، ووضع كتابًا عن مشاهداته في فرنسا سمَّاه «غرائب الغرب». إنه (محمَّد كُرد علي) الذي قال عنه المفكّر العراقي "محمَّد بهجة الأثري": "إنه أمَّة في رجل، أهَّلته مواهبه العديدة لأن يكون أحد بُناة النهضة الحديثة وقادتها الكِبار في بلاد العرب، وسيرته مثالٌ ناصِعٌ لمضاءِ العزيمةِ وخلوص النيَّة وصدق العمل وحبّ الخير وإرادة الإصلاح". وعندما سافر إلى بلده؛ أنشأ أول مَجمع للُّغة العربية بدمشق عام ١٩١٩م، وظل رئيسًا له حتى وفاته، الأمر الذي شهد له به الأمير مصطفى الشّهابي بالقول: "لو لم يكن لمُحمَّد كُرد علي من فضلٍ على الأمَّة العربية ولغتها إلاّ إيجاد المجمع ورعايته، لكفاه فخراً".

المعاصرون محمد كرد علي Pdf

وهناك أمورٌ كثيرةٌ في هذا المجال".

أما في الحواشي فقد أورد بعض المراجع وترجم لبعض الأعلام الواردة ضمن التراجم، وشرح بعض الألفاظ والعبارات بإيجاز. إقرأ المزيد المعاصرون الأكثر شعبية لنفس الموضوع الأكثر شعبية لنفس الموضوع الفرعي أبرز التعليقات